مجلس البحث هو الأوّل ؛ ولا يخلو عن قوّة ؛ من حيث إنّ العلم بالإرادة إنّما حصل بملاحظة دليل الصّدور والتّنافي لا من اللّفظ بنفسه ولعلّنا نتكلّم فيه زيادة على هذا بعد ذلك.
ومنه يظهر : النّظر فيما أفتى به بعض الأصحاب تبعا للشّيخ قدسسره من جواز بيع عذرة المأكول جمعا بين ما دلّ على جواز بيع العذرة وما دلّ على المنع منه.
الثّالث : أنّك قد عرفت : خروج مورد وجود الشّاهد للجمع عن محلّ الكلام في القاعدة المشهورة من غير فرق بين ما يتوقّف الجمع على تأويل المتعارضين ، أو تأويل أحدهما فقد يقوم هذا الشّاهد من الخارج ، وقد يحصل بملاحظة النّسبة بين المتعارضين فيما كان التعارض بين أزيد من دليلين ؛ فإنّه إذا وقع التّعارض بين العامّين المتباينين كقوله : « أكرم العلماء » و « لا تكرم العلماء » مثلا ، وورد ما يوجب تخصيص أحدهما : من حيث كونه أخصّ منه كقوله : « لا تكرم فسّاق العلماء » لأنّه أخصّ من العامّ الأوّل يصير العام المخصّص أخصّ من العام الغير المخصّص فيجب الجمع بينهما بالتّخصيص فيحكم بإرادة خصوص الفسّاق من قوله : « لا تكرم العلماء » وهذا مع وضوحه نشرح لك القول فيه عند الكلام في تعارض أزيد من دليلين إن شاء الله تعالى.