جواز التّرجيح مطلقا في القطعيّين وفي الجملة في المختلفين؟ وما الوجه في حصرهم عدم جواز التّعارض في غير الظّنّيين (١) »؟ انتهى كلامه رفع مقامه.
المناقشة في كلام صاحب الضوابط
ولا يخفى أنّ فيه مواقع للنّظر والتّأمّل.
أمّا أوّلا : فلأنّ التّرديد في الدّليل القطعي بين كونه قطعيّا باعتبار بعض الجهات ، أو كونه قطعيّا باعتبار المفاد والمدلول ممّا لا معنى له ؛ لأنّ الدّليل القطعي لا يكون قطعيّا على ما أسمعناك ، إلاّ بالاعتبار الثّاني الّذي لا ينفكّ عن قطعيّة جميع جهاته من الصّدور وجهته والدّلالة.
وأمّا ثانيا : فلأنّه لا معنى لقوله : ( فهو تفكيك خال عن الوجه ) بعد وضوح الوجه ؛ حيث إنّ الدّليل القطعي عندهم ما كان اعتباره ذاتيّا لأجل حصول القطع منه وهو الّذي قضى البرهان العقلي بعدم إمكان تعلّق الجعل به على ما أسمعناك في طيّ مباحث القطع ، وأمّا ما يفيد القطع نوعا وإن انفكّ عنه في خصوصيّات المقامات من جهة الموانع فقد عرفت : أنّ اعتباره يتوقّف على قيام الدّليل الشّرعي عليه في مورد الانفكاك فيصير حينئذ كالدّليل الظّني في توقّف اعتباره على قيام الدّليل عليه.
ومثل هذا كما ترى ، غير متحقّق لنا في الأدلّة مع أنّه على فرض وجوده لا بدّ
__________________
(١) ضوابط الأصول للعلاّمة الفقيه المتبحّر السيّد ابراهيم القزويني قدسسره المتوفى سنة ١٢٦٢ ه.
كتبه تقريرا لأبحاث الأصوليّ النحرير شريف العلماء المازندراني قدسسره.