بالتّقريب المذكور في كلامه الّذي يرجع عند التّأمّل إلى أنّ الظّن الحاصل بمطابقة الأمارة للواقع يوجب الظّن بتدارك مصلحة سلوك الطّريق والواقع الملحوظ في جعل الطّريق ، فيكون الرّاجح في نظر العقل بهذه الملاحظة أهمّ لا محصّل له أصلا ، كما لا يخفى ؛ فإنّه كما ترى ، راجع إلى الالتزام بجعل الأمارات من باب الطّريقية لا السّببيّة المحضة ؛ فإنّ مبنى الطّريقيّة كما عرفته غير مرّة على ملاحظة الواقع في جعل الأمارة في نظر الشّارع سواء كان هناك مصلحة في الأمر بالعمل بها أم لا ، فملاحظة الكشف والطّريقيّة موجب لتساقط الأمارتين بالمعنى الّذي عرفته لا الطّريقيّة المحضة كما هو ظاهر. والتّصويب وإن كان باطلا عندنا إلاّ أنّ فرض كونه حقّا لا يجدي في المقام شيئا ؛ لأنّ التّعارض لا يجامع التّزاحم على كلّ قول إلاّ على فرض جواز الاجتماع الأمري الّذي اتّفقت كلمتهم على بطلانه.
ومن هنا يتوجّه على ما ذكره مناقشة أخرى ؛ فإنّه مسلّم التّزاحم بمعنى : عدم ملاحظة مصلحة الواقع أصلا ، على القول بالتّصويب إلى غير ذلك ممّا يتوجّه عليه. هذا بعض الكلام فيما يقتضيه الأصل في المسألة.
وجوه أخر للقول بوجوب الترجيح
ثمّ إنّ في كلماتهم جملة من الوجوه للقول بوجوب التّرجيح غير الأخبار والإجماع والأصل ، لا بأس بالتّعرض لها والإشارة إلى ما يتوجّه عليها.
فمنها : ما عن « النّهاية » و « الإحكام » : من تقرير النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم معاذا لمّا بعثه