في أن أدلة الصدور حاكمة على أدلّة الظهور أم لا؟
لا يقال : إنّ الأصل اللّفظي وإن كان معتبرا من باب الظّن ، إلاّ أنّه تعليقيّ يعمل به عند الشّك في وجود القرينة ، ودليل اعتبار الصّدور تنجيزيّ فيكون حالهما حال الأصل العملي والدّليل الاجتهادي ، فيكون دليل التّعبّد بالصّدور حاكما على دليل اعتبار الظّهور من حيث إنّ مفاده جعله قرينة للظّاهر ، بل يمكن تنظير المقام وقياسه بالأصل والدّليل على القول بكون الأصل من باب الظّن أيضا ؛ فإنّ المعهود تقديم الدّليل الاجتهادي على الأصل على هذا القول أيضا ؛ فإنّ الاستصحاب مثلا على القول بكونه من باب الظّن أيضا لا يعارض غيره من الأدلّة الاجتهاديّة التنجيزيّة وإن كان على هذا القول دليلا اجتهاديّا أيضا ، وليس ذلك إلاّ من جهة كونه تعليقيّا بالنّسبة إلى غيره من الأدلّة.
لأنّا نقول : كون الأصل اللّفظي تعليقيّا مسلّم ، إلاّ أنّ الكلام في كون دليل الصّدور تنجيزيّا بالنّسبة إليه في الفرض مع ما عرفت : من عدم كون الشّك فيه مسبّبا عنه ؛ إذ كما يجعل دليل الصّدور المشكوك بمنزلة الصّادر كذلك يجعل دليل اعتبار ظاهر الظّهور بمنزلة النّص. ومن المعلوم عدم جواز تصديق الخبر الظّني في مقابل النّص ؛ لكون دليل الظّاهر المفروغ عن صدوره مانعا عن تصديق صدور الآخر فلو استند مع صلاحيّته إلى دليل الصّدور لزم الدّور كما هو ظاهر هذا. مع أنّ دليل الصّدور قد يستند إلى الأصل اللّفظي كعموم آية النّبأ مثلا.
لا يقال : ما دلّ على التّعبد بالصّدور يجعل مشكوك الصّدور في حكم معلوم