بيان المراد من الدليل الإجتهادي والفقاهتي والنسبة بينهما
__________________
المعارضة إمّا من الالتزام بعدم التضاد بين الأحكام مع اختلافها في المرتبة من حيث الفعلية والشأنية ، وتحقيقه موكول الى محله ، وقد تقدم بعض الكلام فيه فيما علقناه على أوائل أصل البراءة فراجع.
والحاصل : ان تقييد موضوع الاصول بالجهل لا يجدى في رفع المعارضة بينها وبين الأحكام الواقعية المخالفة لها ، وانما المجدي إنكار المضادة ، أو إنكار كون الأحكام الظاهرية أحكاما حقيقة ، كما لا يخفى.
توضيح الاندفاع : ان المقصود بالبحث عنه في هذا المقام ، انما هو بيان النسبة بين المتعارضين من حيث الدليلية ، لا من حيث الدلالة ، فلم يقصد المصنف رحمه الله بهذا الكلام تصحيح اجتماع الأحكام الظاهرية والواقعية المخالفة لها بالالتزام بتغاير موضوعيهما ، حتى يتوجه عليه ما ذكر ، فان هذا أمر أجنبي عمّا تعلق الغرض بالبحث عنه في هذا المبحث ، وإنّما المقصود في هذا المقام التنبيه على أن جعل الاصول معارضة للأدلة في مقام الإستدلال خطأ ، لأنه لا يجرى الأصل بعد الاطلاع على الدليل.
واما أنه كيف رخص الشارع في ارتكاب مشكوك الحرمة ، مع كونه في الواقع حراما ، فلتحقيقه مقام آخر ، وقد نبّه في بعض الحواشي المنسوبة اليه على أن وجه عدم المعارضة بين الأحكام الواقعية والظاهرية إنّما هو اختلافهما في المرتبة من حيث الشأنية والفعلية ، لا باختلاف الموضوع ، فان موضوعهما واحد.
ثم ان تسمية الأحكام الواقعية أحكاما شأنية ، إنّما بمقايستها الى الأحكام الفعلية المنجّزة على المكلّف ، التي لا يعذر في مخالفتها ، وإلاّ فهي لدينا أحكام فعلية حقيقة ، ولكن المكلف بواسطة جهله بها معذور فى مخالفتها ما لم يكن عن تقصير ، كما لا يخفى » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ٤٩١ ـ ٤٩٣.