__________________
الثالث : أن يقال : ان عموم أدلة الأمارات لأفراد العام مرآتي بمعنى أن عنوان العام ليس موردا للحجة بل الحجة نفس المصاديق الخاصة ، وانّما ذكر عنوان العام لأجل كونه مرآة لها كاشفا عنها ، وكل عام كذلك يكون نصا في مدلوله ، فلا جرم يقدم على ما يعارضه من الظواهر. ولا يخفى ما فيه من منع الصغرى أولا والكبرى ثانيا » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٣ / ٤٣٢ ـ ٤٣٦.
* وقال المحقق آغا رضا الهمداني قدس سره :
« أقول : محطّ النظر في هذا المبحث بيان أن الاصول العملية لا تعارض الأدلة الاجتهادية ، حيث أن الاصول العملية عبارة عن القواعد العقلية أو النقلية أو المقررة للجاهل بالأحكام الشرعية الواقعية ، فهي لا تصلح معارضة للأدلة الرافعة للجهل بالواقع حقيقة أو حكما ، كما أوضحه المصنف رحمهالله ، فما صدر من كثير من الأعلام في كثير من المقامات من جعل الاصول العملية معارضة للأدلة الاجتهادية ، أو معاضدة لها ، إمّا غفلة منهم ، أو مبني على اعتبار الاصول لديهم من باب الظن ، أو غير ذلك من المحامل.
وكيف كان فقد ظهر ـ بما أشرنا اليه في توضيح مرام المصنف « رحمهالله » ـ اندفاع ما قد يتوهم من أنه يرد عليه : أن النسبة بين المتعارضين إنّما تلاحظ بين ذوات الأدلة التي حصّلها المجتهد ، لا بوصف اطلاعه عليه ، لأن هذا الوصف لم يؤخذ قيدا في موضوع الأحكام الواقعية ، وحيث أن موضوعها أعم من صورتي العلم والجهل ، فلا يجدي تقييد موضوع الاصول بصورة الجهل في دفع المعارضة ، فان حكم الشارع بحرمة العصير ونجاسته على الاطلاق ، يعارض حكمه بطهارته وحليته مع الجهل ، غاية الأمر أن أحد المتعارضين أخص من الآخر ، وما لم يطلع المجتهد على حكم الشارع بحرمته ونجاسته ، لا يعلم بأن كل شيء حلال وطاهر ما لم يعلم حرمته ونجاسته مبتلى بالمعارض في خصوص المورد ، وبعد الاطلاع عليه يعلم بأن اطلاق الحكم الأوّل مع عموم الحكم الثاني متنافيان ، فلا بد في رفع