__________________
الثانى : الورود ويقرّر بوجوه :
أوّلها : أن يقال ان الشك الذي قد علّق الحكم عليه في أدلة الاصول يراد منه التحيّر في مقام العمل ، وهو لا يتحقق الا اذا لم يكن هناك دليل والا فترتفع الحيرة بذلك الدليل ، ولازم ذلك أن يراد من العلم الذي جعل غاية لحكم الأصل أعم من العلم الوجداني والشرعي أعني الدليل الاجتهادي.
ثانيها : أن يقال : ان المراد من العلم المأخوذ غاية في أدلة الاصول أعم من الوجداني والشرعي ، ويلزم ذلك أن يكون المراد من الشك المعلق عليه حكم الأصل هو التحيّر وعدم طريق للعمل ، والفرق بينه وبين الوجه الأول ليس الا بالأصالة والفرعية في كيفية الاستفادة.
ثالثها : أن يقال : انه يفهم من سياق أدلة الاصول أن اعتبارها مقيد بصورة عدم وجود دليل كاشف عن الواقع ، والفرق بينه وبين الأولين : أن التصرّف في الأوّلين داخلي حيث حمل الشك والعلم على غير ظاهرهما ، وفي هذا الوجه من الخارج حيث جعل السياق قرينة على تقييد مفاد أدلة الاصول بما اذا لم يكن هناك دليل.
الثالث : التخصيص ويقرّر بوجوه :
أحدها : أن يقال ان التعارض حاصل بين أدلة الاصول وكل واحد واحد من الأمارات الواردة في الأحكام الخاصة ، ولا ريب في أنه اذا قيس كل دليل خاص الى أدلة الاصول يكون أخص مطلقا منها فيقدم لذلك. ولكن المصنّف في أوّل رسالة البراءة جعل التعارض بين أدلة الأمارات وبين الاصول لا نفس الأمارات ، فراجع وراجع ما علقنا عليه.
الثانى : أن يقال ـ بعد جعل التعارض بين أدلة الأمارات والاصول ـ : ان تخصيص الاصول بأدلة الأمارات تخصيص حسن ، أما تخصيص أدلة الأمارات بالاصول من تخصيص الأكثر فهو المستهجن ، اذ قل ما يكون مورد من موارد الأمارة لا يجري فيه أصل تعبدي فلا جرم يقدم الأوّل على الثاني.