وأنت بعد الإحاطة بما ذكرنا ينكشف لك وجوه المناقشة فيه ؛ لأنّ الحكم بترجيح القطعي إذا عارض الظّني قد عرفت ما فيه : من عدم إمكان التّعارض بينهما حتّى يحكم بالتّرجيح.
ومنه يظهر : أنّ الظّني بأيّ معنى يراد سواء أريد منه الظّن الفعلي أو الشّأني لا يمكن أن يعارض القطعي على ما أسمعناك في طيّ المناقشة على ما ذكره الفاضل النّراقي ، فإذا أريد من إثبات التّعارض في الظّنيّين : أنّه لا يتحقّق إلاّ فيهما على ما عرفت ولو بأن يتحقّق في الشّأنيّين منهما ، أو الشّأني والفعلي في مقابل القطعيّين والقطعيّ والظّنّي فليس فيه تفكيك حتّى يختلّ معه نظم التّحرير ويتشوّش كما هو ظاهر.
وكذا الحكم بتعارض القطعيّين الشّأنيّين مع الالتزام بما أفاده في حكم تعارضهما يرجع حقيقة إلى عدم التّعارض بينهما ، إلاّ بحسب صورة البرهان فهو خارج عن حقيقة التّعارض كما هو ظاهر وهو ليس محلاّ لإنكار أحد ؛ لأنّ التّعارض الصّوري بين البراهين ممّا لا يمكن إنكاره لكن لا تعلّق به بالتّعارض المبحوث عنه في المقام إلى غير ذلك ممّا يقف عليه التأمّل في أطراف كلامه.
كلام السيّد ابراهيم القزويني في الضوابط
وقال بعض السّادة ممّن تأخّر بعد جملة كلام له في معنى التّعارض :
« ثمّ إنّهم قالوا : إنّ التّعارض لا يكون إلاّ بين الظّنيين ، وأمّا القطعيّان أو المختلفان فلا يمكن حصول المعارض بينهما. وفيه : أنّ المراد من القطعي والظّني إن كان القطعيّة والظنّيّة في الصّدور فلا ريب في جواز التّعارض في كلّ الصّور