كلام السيّد المجاهد في المفاتيح
وقال سيّد مشايخنا في « المفاتيح » بعد نقل جملة من كلماتهم المتعلّقة بالمقام ما هذا لفظه :
« والتّحقيق في المسألة عندي أن يقال : إن كان مراد القائلين بجواز وقوع تعادل الظّنين المتعارضين : أنّه يصحّ أن يتعارض الدّليلان الظّنيّان بحيث لا يترجّح أحدهما على الآخر بوجه من الوجوه ، ويكون كلّ منهما مؤثّرا في حصول الظّن بالفعل بحيث يحصل له في زمان واحد ظنّان يتعلّق كلّ واحد بأحد الضّدّين ، فهو باطل قطعا ؛ لاستحالة ذلك عقلا ؛ لأنّ الظّن من الكيفيّات النّفسانيّة ويستحيل التّكليف بالمتضادّين في آن واحد ، ولذا لا يمكن وقوع التّعارض بين القطعيّين وحصول القطعيّين المتنافيين في آن واحد.
وإن كان مرادهم جواز وقوع تعادل الدّليلين اللّذين من شأنهما إفادة الظّن وإن لم يفيداه حين التّعارض فهو جيّد ، لكن يمكن أن يقال بمثل هذا في القطعيّين ، إلاّ أن يقال : الدّليل القطعي لا يمكن فرض وجوده منفكّا عن إفادة القطع ؛ لأنّه علّة لها ولازمة لذاته كالزّوجيّة والأربع كما أشار إليه في « المنية » ، وهو في غاية الوضوح في الدّلائل القطعيّة البرهانيّة كالأشكال الأربعة ، ولذا لا يجوز تعارضها ولا كذلك الدّلائل الظّنية ؛ فإنّه يجوز وجودها منفكّة عن إفادة الظّن ؛ لأنّها إنّما يفيد الظّن بمحض العادة لا بغيرها ، ولذا يجوز تعارضها وهو حسن في كثير من الأدلّة المفيدة للقطع ، وأمّا ما يفيد القطع بحسب العادة كالحدسيّات والتّجربيّات