كلام صاحب الفصول ومناقشته
كما أنّه يظهر منه ضعف ما أفاده الشّيخ الفاضل في « الفصول » بعد جملة كلام له في ترجيح ما وافق الأصل أو خالفه حيث قال :
« ولا يذهب عليك أنّ الخبر المعتضد بالأصل يخرج عن كونه دليلا اجتهاديّا على الحكم ويصير من الأدلّة الظّاهريّة الّتي يعبّر عنها بالأدلّة الفقاهيّة كالأصل ومثله الخبر المعتضد بالاحتياط لو قلنا بتقديمه على غيره ، وهذا بخلاف ما لو اعتضد أحد الخبرين بسائر المرجّحات كالشّهرة وموافقة الكتاب ومخالفة العامّة ونحو ذلك ، وذلك لأنّ هذه المرجّحات تفيد في أنفسها الظّن بصحّة الصّدور ، أو المراد ، أو المطابقة للواقع بخلاف المعتضد بالأصل والاحتياط ، فوزان هذين المرجّحين وزان أخبار العمل بأحد المتكافئين ».
إلى أن قال :
« ويمكن أن يقال : حينئذ بأنّا نطرح الخبرين ونعمل بالأصل المطابق لأحدهما وفيه بعد » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
وأنت خبير بأنّ حقيقة الدّليل لا يختلف من جهة موافقته للأصل ، بل الأمر في التّخيير أيضا كذلك ؛ فإنّه بعد الاختيار يكون المختار دليلا اجتهاديّا ، فلعلّ غرضه من هذا الكلام : بيان تأخّر مرتبة هذا المرجّح من غيره ، وأنّ تقديم الخبر
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٤٤٥.