تحقيق الكلام في حكم تعارض أزيد من دليلين
وأمّا إذا كان التّعارض بين أزيد من الدّليلين فقد يصعب تحصيلها للفقيه ؛ إذ قد يختلف النّسبة بين دليلين منهما بملاحظة العلاج مع الثّالث ، فلا بدّ من التّعرض له وبسط القول في قسم منه وهو : التّعارض الثّلاثي منه لكي يعرف منه حكم سائر الأقسام والصّور.
والمراد من التّعارض الثّلاثي : أعمّ من أن يكون بين كلّ واحد مع غيره ، أو يكون بين اثنين مع واحد منها وإن لم يكن بينهما تعارض أصلا. كما إذا كان هناك عامّ وخاصّان لا تعارض بينهما ، أو كان هناك عامّ وخاصان متعارضان.
ثمّ إنّ الكلام في حكم التّعارض الثّلاثي من الجهة المبحوث عنها في المقام لا في حكمه بقول مطلق ، فإنّه واضح لا خفاء فيه ؛ فإنّ الحكم مع عدم التّرجيح أصلا هو التّخيير بين الأخذ بكلّ واحد من الثّلاثة وطرح الآخرين رأسا ، أو في مادّة التّعارض إن كانت لهما مادّة سليمة. كما في نسبة العموم من وجه ومع ترجيح بعضها على الباقي مع مساواته تقديمه عليه وطرحهما ، ومع ترجيح الاثنين على الواحد مع مساواتهما. كما إذا كان موافقا للعامّة وكانا مخالفين لهم مع مساواتهما من سائر الجهات هو طرحه والتّخيير بينهما وإن كان الحكم نظريّا في بعض صوره على ما سنوقفك عليه.