فنقول : إنّ النّسبة بين المتعارضات : إمّا أن يكون نسبة واحدة ، أو مختلفة. فإن كانت واحدة فلا يخلو : إمّا أن يكون بالتّباين ، أو بالعموم والخصوص ، أو بالعموم من وجه.
فإن كانت بالتّباين :
فإن لم يكن بين الألفاظ الدّالة على المحمول تفاوت من حيث القوّة والضّعف بحيث يمكن الجمع ، فلا إشكال في لزوم الرّجوع إلى سائر المرجّحات ، أو التّخيير بين الأخذ بكلّ واحد إن لم يكن على ما عرفت الإشارة إليه. كما إذا ورد : « يجب إكرام العلماء » ، و « يستحبّ إكرامهم » ، و « يحرم إكرامهم ».
وإن كان بينها تفاوت لزم الأخذ بالأقوى دلالة وجعله صارفا لغيره ، كما إذا ورد : « أكرم العلماء » و « يستحبّ إكرامهم » ، و « يجوز إكرامهم » ؛ فإنّ مادّة الاستحباب أقوى من ظهور الصّيغة في الوجوب ، وظهور الجواز في الإباحة الخاصّة ـ على تقدير تسليم ظهوره فيها ـ فيجعل صارفا عن الظّهورين ويحكم باستحباب إكرامهم.
وإن كانت بالعموم والخصوص ولم يكن بين الخاصّين تعارض أصلا :
فإن لم يلزم من العمل بالخاصّين محذور ، ولا من ملاحظة تقديم علاج أحدهما انقلاب النّسبة ، فيخصّص العام بهما ، كما إذا ورد : « أكرم العلماء » ، وورد : « لا تكرم زيدا » ، و « لا تكرم عمروا » وفيما كانا عالمين
وإن لزم محذور من العمل بالخاصّين وهو طرح العام رأسا وبقاؤه بلا مورد من العمل بهما ، فلا يجوز العلاج بالتّخصيص ؛ لأنّ التّخصيص بهما معا موجب