فلا يتوجّه فيه ما ذكر ، فينبغي الحكم بجواز وقوع التّعارض بين الدّليلين منه فتأمّل » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
وقال بعد ذلك ما هذا لفظه :
« وهل يجوز للشّارع أن ينصب للمكلّف دليلين ظنّيين متكافئين من جميع الجهات؟ فيه إشكال (٢) ». انتهى كلامه.
والإشكال الّذي ذكره أخيرا مبنيّ على ما ذكره بعض في التّعادل : من منعه بين الظّنيين بعد قبول وقوع التّعارض بينهما ، وهو وإن كان ضعيفا ؛ لأنّ حكم الشّارع بالتّخيير بين الخبرين المتكافئين على ما هو المسلّم عند المستشكل ، وكذا حكمه بتخيير العامي في تقليد المتكافئين من المجتهدين ينافي الإشكال المذكور ـ كما هو واضح ـ إلاّ أنّ الكلام فيه متعلّق بالتّعادل ، ولعلّنا نتكلّم فيه إن شاء الله تعالى.
فقد تبيّن من مطاوي ما ذكرنا كلّه من أوّل المسألة إلى هنا : أنّ مورد التّعارض الدّليلان الظّنّيان إذا كانا في مرتبة واحدة سواء كانا آيتين أو سنّتين أو خبرين أو مختلفين إذا لم يكن التّعارض على وجه يوجب عدم حجّيّة أحدهما بالخصوص ، كما في الخبر المخالف للكتاب والسّنة على وجه التّباين الكلّي ؛ فإنّه ليس بحجّة نصّا وفتوى كما أسمعناك عند التّكلّم في حجّيّة الأخبار وسنشير إليه ، اللهمّ إلاّ أن يقال بخروج الفرض عن تعارض الظّنيين ؛ فإنّه إن لم يحتمل التّأويل
__________________
(١) مفاتيح الأصول : ٦٨٢.
(٢) نفس المصدر بالذات.