أقول : بعد التّعرّض لتعريف التّعارض وبيان المراد منه ، أراد التّعرض لتشخيص ما يوجد فيه هذا المعنى : من حيث وجوده بين مطلق الدّليلين أو الدّليلين المأخوذين بخصوصيّة وقيد ؛ فإنّهما قد يكونان اجتهاديّين ، وقد يكونان فقاهيّين ، وقد يكونان مختلفين وأيضا قد يكونان قطعيّين ، وقد يكونان ظنّيين ، وقد يكونان تعبّديّين ، وقد يكونان مختلفين ، فهذا الكلام في مباديء المسألة بعد الفراغ عن بيان حقيقة التّعارض.
فنقول : إنّ تحقيق القول في المقام وتوضيحه يقتضي التّكلّم في موضعين :
أحدهما : في بيان الحال من جهة التّقسيم الأوّل.
فنقول : المراد من الدّليل الاجتهادي : ما أنيط اعتباره بالكشف عن الواقع ظنّا ولو نوعا بناء على اختصاص الاجتهاد عندهم كما حقّقناه في بحث الاجتهاد والتّقليد سواء كان بمعنى الفعليّة على ما يقتضيه كلمات الأكثرين من الخاصّة والعامّة ، أو الملكة ، بتحصيل الظّن بالحكم الشّرعي أو ملكته فتحصيل القطع بالحكم الشّرعي خارج عن الاجتهاد موضوعا ، وإن كان العلم بالحكم الشّرعي الفرعيّ الحاصل من المقدّمات النّظريّة داخلا في الفقه عندهم على ما ينادي به تعريفهم للفقه.
والمراد من الدّليل الفقاهتي : الّذي يسمّى بالأصل في كلماتهم ، ويطلق عليه الدّليل مقيّدا ، كما أنّ الأوّل يطلق عليه الدّليل مطلقا ومقيّدا ما لم ينط اعتباره بالكشف ، سواء لم يكن كاشفا أصلا أو كان كاشفا ولم يلحظ في اعتباره ، فالمعتبر في الدّليل الاجتهادي أمران ينتفي بانتفاء أحدهما فالاستصحاب على القول بعدم إناطة اعتباره بالظّن داخل في الأصل وإن قيل بإفادته للظّنّ. ومنه يظهر : أنّ