بإرادة بعضهم ، وكذا جعل دليل اعتبار صدوره حاكما على دليل ظاهر قوله : « لا تكرم » ، بإرادة البعض الآخر بحيث يرفع التّعارض بينهما ، وكذا فيما يحصل الجمع برفع اليد عن ظاهر أحدهما كما إذا ورد : « إغسل للجمعة » ، و « ينبغي غسل الجمعة » ؛ فإنّه يحصل الجمع برفع اليد عن ظاهر أحد المحمولين.
لا يقال : إنّ المعتبر ظاهر ما فرغ صدوره عن الحجّة نبيّا كان أو وصيّا فاعتبار الظّهور متفرّع على الصّدور فلا يكون في مرتبته حتّى يزاحمه ويعارضه.
لأنّا نقول : ما ذكر وإن كان مسلّما ، إلاّ أنّ التقدّم والتّأخّر بحسب المرتبة إنّما يلاحظان بالنّسبة إلى كلّ قول وحديث صدورا ودلالة لا بالنّسبة إلى حديثين ، فاعتبار ظاهر قوله : « أكرم العلماء » متفرّع على صدوره فلا يمكن المزاحمة بينهما لا على صدور قوله : « لا تكرم العلماء » ؛ لعدم الارتباط بينهما أصلا ، بل لا يمكن تفرّع صدور حديث على صدور الحديث الآخر كما هو ظاهر.
ومن هنا لو كان هناك حديث ظاهره خلاف الإجماع أو العقل يؤخذ بدليل التّعبّد بصدوره ويرفع اليد عن ظاهره ولا يزاحم بدليل اعتبار ظاهره فيحكم بعدم صدوره والمفروض ليس من هذا ؛ فإنّ المزاحمة فيه إنّما يلاحظ بين الظّاهر من أحد المتعارضين والصّدور من الآخر ، فأين الأصليّة والفرعيّة؟
ومنه يظهر فساد قياس المقام واستنباط حكمه من حديث ظاهره خلاف الإجماع حيث إنّ المسلّم عندهم على ما عرفت الحكم بصدوره والتّصرف في ظاهره.