ولكنّك خبير بما يتوجّه على الإشكال المذكور واندفاعه بعد تسليم غلبة البطلان في أحكامهم ، كما يشهد به الوجدان والأخبار الكثيرة وإن رماه في « الكتاب » بكونه خلاف الوجدان في تقريب الإشكال ، مع رجوعه بعد ذلك لما أفاده في دفعه بقوله : ( ويمكن دفع الإشكال في الوجه الثّاني ) (١) وفاقا للسيّد الكاظمي في « شرح الوافية » ، بل لأنّ غلبة البطلان توجب صيرورة المخالف أقرب إلى الحقّ وأبعد عن الباطل كما اعترف قدسسره به بقوله : ( نعم ، ينفع في الأبعديّة عن الباطل ) (٢) وهذا المقدار يكفي في التّرجيح كما عرفت استفادته عن تعليل ترجيح المشهور على الشّاذّ ، فينطبق التّعليل المذكور على ذلك التّعليل هذا.
وقد دفع بعض أفاضل معاصرينا الإشكال بعد تسليم الغلبة : « بأنّ الخبر المخالف في الفرض وإن لم يظنّ مطابقته للواقع بعد منع الغلبة المدّعاة في كلام
__________________
لو كان الاحتمال المخالف منحصرا في واحد كان هو الحق والرشد ، وإلاّ ففي جملة محتملاته والغاء الاحتمال الموافق من بين الاحتمالات والمعاملة معها في الرجوع الى الاصول والقواعد ، كما اذا لم يكن ذاك الاحتمال أصلا في البين من أعظم الفوائد ، ويكفي في مقام الترجيح ، بل يكفي ما دونه وهو المرجح موجبا لأبعدية مورده عن الباطل على تقدير دورانه بينه وبين فاقده ، مع احتمال بطلان كليهما على ما اعترف به قدسسره في مواضع من كلامه ، فضلا عن مثل المرجح في المقام ، فانه يوجب كون كل من هذه الاحتمالات المخالفة أقرب الى الحق والرشد من ذاك الاحتمال ، فانقدح بما ذكرنا ما في قوله قدسسره : « وكون الحق والرشد فيه بمعنى وجوده في محتملاته لا ينفع ... الخ ». فتدبر جيّدا » إنتهى.
أنظر درر الفوائد : ٤٧٠.
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ١٢٤.
(٢) نفس المصدر : ج ٤ / ١٢٣.