لكونها جريمة تمس الأخلاق ، وتتضمن اعتداءً علىٰ نظام الاُسرة الذي يشكّل حجر الزاوية في النظام الاجتماعي الإسلامي ، وعليه فهي تعاقب فاعله إذا أتىٰ به في أي مكان ، ويعتبر في نظرها زانياً كل من يجتمع علىٰ فاحشة سواء كان محصناً أم غير محصن.
أما القانون الوضعي فلا يعتبر هذا الفعل الفاحش زنا إلّا إذا وقع في منزل الزوجة (١).
لذلك من الممكن القول أن التفسير الوحيد لموقف الشريعة المتشدد من الزنا ، هو قيام المنهج الإسلامي علىٰ قاعدة الأخلاق ، يقول الدكتور جبر محمود : «إنّ النظام الجنائي الإسلامي هو النظام القانوني الوحيد بين النظم القانونية المعروفة للعالم الحر الذي يعاقب علىٰ الزنا مجرداً عن أي اعتبار آخر ، وهو النظام القانوني الوحيد الذي لا يجعل لرضا الزانين أثراً أيّاً ما كان في العقوبة علىٰ فعليهما» (٢).
وكان واضحاً من وراء ذلك حرص الإسلام علىٰ حماية الجانب الأخلاقي في كيان الاُسرة ، أما المنهج الغربي فلا يعبأ بهكذا نوع من الجرائم وأخذ يساير هذا الواقع الفاسد ويمنحه صفة قانونية ، « ففي عام ١٩٧٥ م عُدّل قانون العقوبات الفرنسي في موضوع الجرائم الأخلاقية ، وتبدّلت النظرة القانونية إلىٰ زنا المتزوجين فاخرج من عداد الجرائم » (٣).
كما وقد أخرج الشارع البريطاني اللِّواط من قائمة الأفعال المحرمة علىٰ الرغم
________________
١) اُنظر : اُصول النظام الجنائي الإسلامي / الدكتور محمد سليم العوا : ٣٨.
٢) الزنا : أحكامه ، أسبابه : ٢١١.
٣) دراسات معمقة في الفقه الجنائي المقارن / الدكتور عبدالوهاب حومد : ٩ ، ١١.