تنبيها من الله تعالى على طريق النظر في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله.
وَفِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى : « وَاحِدِيُ الذَّاتِ وَاحِدِيُ الْمَعْنَى ».
بمعنى أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم ، وقيل وَاحِدِيُ المعنى أي الصفات ، فَرِضَاهُ ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه من حال إلى حال. وفِيهِ « الْوَاحِدُ بِلَا تَأْوِيلٍ ».
يعني من جميع الجهات واحد ، بخلاف سائر الأشياء فإن وحدتها باعتبار العدد. ومثله « كل مسمى بِالْوَحْدَةِ غيره قليل » يريد أنه لا يوصف بالقلة وإن كان واحدا ، وذلك أن الوَاحِدَ يقال لِمَعَان والمشهور منها هو كون الشيء مبدأ للكثرة يكون عَادّاً ومكيالا ، وهو الذي يلحقه القلة والكثرة الإضافيان ، فإن كل واحد بهذا المعنى هو قليل بالنسبة إلى الكثرة التي تصلح أن يكون مبدأ لها ، والمتصور لأكثر الناس كونه واحدا بهذا المعنى فلذلك نزهه عليه السلام عنه بذكر لازمه وهو القليل لظهور بطلان هذا اللازم في حقه تعالى واستلزام بطلانه بطلان الملزوم المذكور ـ كذا قرره بعض شراح الحديث. و « الوَاحِدُ تعالى » الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر.
وَفِي الْحَدِيثِ « سُئِلَ الْجَوَادُ عليه السلام مَا مَعْنَى الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ : إِجْمَاعُ الْأَلْسُنِ عَلَيْهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ).
والوَاحِدُ الأَحَد : اسمان دالان على معنى الوحدانية. والوَاحِدُ الحقيقي : ما يكون منزه الذات عن التركيب الخارجي والذهني. والفرق بين الوَاحِدِ والأَحَدِ على ما ذكره بعض الأعلام من وجوه : « الأول » ـ أن الوَاحِدَ هو المتفرد بالذات ، والأَحَدُ هو المتفرد بالمعنى. « الثاني » ـ أن الوَاحِدَ أعم موردا لكونه يطلق على من يعقل وغيره ، ولا يطلق الأَحَدُ إلا على من يعقل. » الثالث « أن الوَاحِدَ يدخل الضرب والعدد ، ويمتنع دخول الأَحَدِ في ذلك.