قال المفسر : معناه والأرض الطيب ترابه ( يَخْرُجُ نَباتُهُ ) أي زرعه خروجا حسنا ناميا زاكيا من غير كد ولا عناء ( بِإِذْنِ رَبِّهِ ) بأمر الله تعالى ( وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ) أي الأرض السبخة التي خبث ترابها لا يخرج ريعها إلا شيئا قليلا (١) قوله : ( وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ) [ ٩٥ / ٣ ]
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍ : يَعْنِي مَكَّةَ الْبَلَدَ الْحَرَامَ يَأْمَنُ فِيهِ الْخَائِفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ، فَالْأَمِينُ يَعْنِي الْمُؤَمَّنُ يُؤْمَنُ مَنْ يَدْخُلُهُ ـ كَذَا رَوَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام (٢)
و « البَلَدُ » يذكر ويؤنث ، والجمع بُلْدَانٌ. والبَلْدَةُ : البلد ، والجمع بِلَادٌ مثل كلبة وكلاب. ويطلق البَلْدَةُ والبِلَادُ على كل موضع من الأرض عامرا كان أو خلاء ، ومنه قوله تعالى : ( إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ ) [ ٣٥ / ٩ ] أي إلى أرض ليس فيها نبات ولا مرعى فيخرج ذلك بالمطر فترعاه أنعامهم ، فأطلق الموت على عدم النبات والمراعي ، وأطلق الحياة على وجودهما.
وَفِي الْحَدِيثِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَاكِنِي الْبَلَدِ ».
يريد بِالْبَلَدِ الأرض التي هي المأوى للحيوان والجن وإن لم يكن فيها بناء ، وأراد بالساكنين الجن لأنهم سكان الأرض وبَلُدَ الرَّجُلُ بالضم بَلَادَةً فهو بَلِيدٌ : إذا كان غير ذكي ولا فطن. والبَلَادَةُ : نقيض النفاذ والمضي في الأمر. والتَّبَلُّدُ : ضد التجلد. ومنه الْحَدِيثُ « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ التَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ ».
ولعل معناه أن الإنسان إذا تجلد وتصبر على الأمر وصل إلى الراحة التي هي عدم التبلد. والله أعلم. و « إبراهيم بن أبي البِلَادِ » باللام المخففة والباء الموحدة من رواة الحديث (٣)
__________________
(١) مجمع البيان ج ٥ صلى الله عليه وآله ٤٣٢.
(٢) مجمع البيان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٥١١.
(٣) اسم أبي البلاد يحيى بن سليم وقيل ابن سليمان مولى بني عبد الله بن غطفان ، ويكنى إبراهيم أبا يحيى ، كان ثقة قارئا أديبا ـ انظر رجال النجاشي صلى الله عليه وآله ١٨.