« مَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً وَمُسْتَشْهَداً وَمَشْهُوداً ».
والمراد من الشَّهِيدِ المعنى المعروف ، ومن المُسْتَشْهَدِ المطلوب منه الشهادة ، كأن الله أمره بها وطلبها منه ، ومن المَشْهُودِ الذي يشهد قتله الخلائق والملائكة كما في قوله تعالى : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ).
وَفِي حَدِيثِ ذِكْرِ الشَّهِيدِ « وَهُوَ مَنْ مَاتَ بَيْنَ يَدَيِ نَبِيٍّ أَوْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ أَوْ قُتِلَ فِي جِهَادٍ سَائِغٍ ».
قيل سمي بذلك لأن ملائكة الرحمة تشهده ، فهو شَهِيدٌ بمعنى مشهود. وقيل لأن الله وملائكته شهود له في الجنة ، وقيل لأنه ممن استشهد يوم القيامة مع النبي صلى الله عليه وآله على الأمم الخالية ، وقيل لأنه لم يمت كأنه شَاهِدٌ أي حاضر ، أو لقيامه بشهادة الحق في الله حتى قتل ، أو لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة وغيره لا يشهدها إلى يوم القيامة ، فهو فعيل بمعنى فاعل. و « الشَّهِيدُ » من أسمائه تعالى ، وهو الذي لا يغيب عنه شيء. والشَّاهِدُ : الحاضر ، وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشَّهِيدُ وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق. ومنه قَوْلُهُ « وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ ».
أي شاهدك على أمته يوم القيامة.
وَفِي الْحَدِيثِ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ ».
أراد بالشواهد الحواس لكونها تشهد ما تدركه ،
« وَلَا تَحْوِيهِ الْمَشَاهِدُ ».
المحاضر والمجالس.
وَفِي الْخَبَرِ « سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ شَاهِدٌ ».
قيل أي يشهد لمن حضر صلاته.
وَ « الصَّلَاةُ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ ».
أي يشهدها الملائكة ويكتب أجرها للمصلي. وشَهِدْتُ على الشيء : اطلعت عليه وعاينته فأنا شَاهِدٌ ، والجمع أَشْهَادٌ وشُهُودٌ. وشَهِدْتُ العيدَ : أدركته ، وشَاهَدْتُهُ مثل عاينته. وشَهِدْتُ المجلسَ : حضرته. وقولهم و « الشَّاهِدُ يرى ما لا يرى الغائب » أي الحاضر يعلم ما لا يعلمه الغائب.