اللهُ ) (١) ، قال نسخت هذه الآية التي قبلها ( فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) (٢) فهذا أيضا إسناد صحيح .. والقول بأنها منسوخة قول عكرمة والزهري وعمر بن عبد العزيز والسدي وهو الصحيح من قول الشافعي قال في كتاب الجزية ولا خيار له إذا تحاكموا إليه لقوله تعالى ( حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) (١) وهذا من أصلح الاحتجاجات لأنه إذا كان معنى وهم صاغرون أن تجري عليهم أحكام المسلمين وجب أن لا يردوا إلى أحكامهم فإذا وجب هذا فالآية منسوخة .. وهو أيضا قول الكوفيين أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد لا اختلاف بينهم إذا تحاكم أهل الكتاب إلى الإمام انه ليس له أن يعرض عنهم غير أن أبا حنيفة .. قال إذا جاءت المرأة والزوج فعليه أن يحكم بينهما بالعدل فإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم .. وقال الباقون بل يحكم فثبت أن قول أكثر العلماء أن الآية منسوخة مع ما صح فيها من توقيف ابن عباس ولو لم يأت الحديث عن ابن عباس لكان النظر يوجب أنها منسوخة لأنهم قد أجمعوا جميعا أن أهل الكتاب إذا تحاكموا إلى الإمام فله أن ينظر بينهم وأنه إذا نظر بينهم مصيب .. ثم اختلفوا في الإعراض عنهم على ما ذكرنا فالواجب ان ينظر بينهم لأنه مصيب عند الجماعة وأن لا يعرض عنهم فيكون عند بعض العلماء تاركا فرضا فاعلا ما لا يحل له ولا يسعه ولمن قال بأنها منسوخة من الكوفيين قول آخر منهم من يقول على الإمام إذا علم من أهل الكتاب حدا من حدود الله أن يقيمه وإن لم يتحاكموا إليه ويحتج بأن قول الله تعالى ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ ) يحتمل أمرين أحدهما اذا تحاكموا اليك والآخر ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ ) وان لم يتحاكموا اليك اذا علمت ذلك منهم .. قالوا فوجدنا في كتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما يوجب إقامة الحق عليهم وان لم يتحاكموا الينا .. فأما ما في كتاب الله فقوله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ ) (١) .. وأما ما في السنة فحديث البراء .. [ قال أبو جعفر ] حدثنا .. علي بن الحسين قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء .. قال مرّ على النبي صلىاللهعليهوسلم بيهودي قد جلد وحمم .. فقال أهكذا حد الزاني فيكم قال لو لا أنك سألتني بهذا ما أخبرتك كان الحد عندنا الرجم فكان الشريف إذا زنا تركناه وكان الوضيع إذا زنى رجمناه فقلنا تعالوا نجتمع على شيء يكون للشريف والوضيع فاجتمعنا على الجلد والتحميم فأنزل الله عز وجل ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) (٢) الى ( يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ ) (٣) أي ائتوا محمدا فإن
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٢٩
(٢) سورة : المائدة ، الآية : ٨
(٣) سورة : المائدة ، الآية : ٤١