صلّ الظهر بعد الزوال على أن أزيلها عنك مع الزوال فهذا بين .. وأقوال العلماء ان البيان يجوز أن يتأخر وخالفهم قائل هذا وجعله نسخا ولو جاز أن يقال لهذا نسخ لجاز أن يقال في قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) (١) ثم يبين ما هي ولا يقول أحد من الأمة إن هذا نسخ واحتجاجه بقول الشافعي يخالف فيه لأن أصحاب الشافعي الحذق لا يعلم بينهم خلافا ان البيان يتأخر .. فممن احتج بتأخيره ابن شريح لقول الله تعالى ( فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) (٢) ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ ) (٣) ثم في اللغة يدل على أن الثاني بعد الأول وهذا دليل حسن والدليل على ان البيان خلاف النسخ أن البيان يكون في الاخبار وأيضا فان البيان يكون معه دليل يدل على الخصوص اذا كان اللفظ عاما أو كان خاصا يراد به العام كما قال تعالى ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) (٤) فلما قال ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) (٥) دل على ان الانسان بمعنى الناس وقال تعالى ( وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها ) (٦) دل على ان الملك بمعنى الملائكة هذا على الخصوص والعموم وهكذا التخصيص في الأشياء لا يسمى نسخا .. وهذا الباب من اللغة يحتاج اليه كل من نظر في العلم وبالله التوفيق.
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٦٧
(٢) سورة : القيامة ، الآية : ١٨
(٣) سورة : القيامة ، الآية : ١٩
(٤) سورة : العصر ، الآية : ٢
(٥) سورة : العصر ، الآية : ٣
(٦) سورة : الحاقة ، الآية : ١٧