أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ )مخاطبة لليهود أي لنا ديننا ولكم دينكم ( لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ ) أي لا خصومة هذا لليهود ثم نسختها ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (١) هذا قول .. والقول الثاني أن تكون غير منسوخة أي لا حجة بيننا وبينكم لأن البراهين قد ظهرت والحجة قد قامت .. والقول الأول يجوز لأن معنى لا حجة بيننا وبينكم على ذلك .. والقول الثاني لم نؤمر أن نحتج عليكم ونقاتلكم ثم نسخ كما أن قائلا لو قال من قبل أن تحول القبلة لا تصلّ الى الكعبة ثم حول الناس بعد لجاز أن يقال نسخ ذلك.
باب
ذكر الموضع الثالث
قال الله عز وجل ( مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) (٢) .. فيه قولان من ذلك ما حدثناه .. عليل بن أحمد قال حدثنا محمد بن هشام قال حدثنا عاصم بن سليمان عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال .. في قوله تعالى ( مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) من كان من الأبرار يريد بعمله الصالح ثواب الآخرة ( نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) أي في حسناته ( وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا ) أي من كان من الفجار يريد بعمله الحسن الدنيا نؤته منها ونسخ ذلك في سورة سبحان ( مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ) (٣) .. والقول الآخر أنها غير منسوخة وهو الذي لا يجوز غيره لأن هذا خبر والأشياء كلها بارادة الله تعالى ألا ترى أنه قد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي ان شئت اللهم ارحمني ان شئت إلا أنه يجوز أن يتأول الحديث الأول أن يكون معناه هذه على نسخة هذه فيصح ذلك وربما أغفل من لم ينعم النظر في مثل هذا فجعل في الإخبار ناسخا ومنسوخا فلحقه الغلط .. والدليل على أنها غير منسوخة أنه خبر .. وقد قال قتادة في الآية من آثر الدنيا على الآخرة وكدح لها لم يكن له في الآخرة الا النار ولم يزدد منها شيئا الا ما قسم الله له.
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٢٩
(٢) سورة : الشورى ، الآية : ٢٠
(٣) سورة : الإسراء ، الآية : ١٨