إذا احتجت إلى الماء ، فلمّا فرغت ممّا أردت ، أقبل إليّ فطأطأ ظهره ، ثم أومأ إليّ أن أركب ، فلمّا ركبت ، أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الذي أقبلت منه ، فلمّا صرت على البحر إذا مركب سائر في البحر فلوَّحت لهم ، فاجتمع أهل المركب يسبّحون ويهلّلون ويرون رجلاً راكباً أسداً! فصاحوا : يا فتى من أنت ، أجنّي أم إنسي؟
فقلت : أنا سفينة مولى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم راعى الأسد في حقّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ففعل ما ترون.
فلما سمعوا ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حَطُّوا الشّراعَ وَحمَلوا رَجُلَين في قارِب صغير ودفعوا إليهما ثياباً ، فجاء إليّ ، ونزلت من الأسد ، ووقف ناحية مطرقاً ينظر ما أصنع ، فرميا إليّ بالثياب ، وقالا : ألبسها ، فلبستها ، فقال أحدهما : اركب ظهري حتى أُدخلك القارب ، أيكون السّبُع أرعى لحق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أمّته؟!
فأقبلت على الأسد ، فقلت : جزاك الله خيراً عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوالله لنظرت إلى دموعه تسيل على خدّه ما يتحرك حتى دخلت القارِب ، وأقبل يلتفت اليّ ساعة بعد ساعة حتى غبنا عنه (١).
ومن جميع ذلك يظهر قوّة يقينه ، وخلوص إيمانه ، وصفاء سريرته ، وعلوّ مقامه. فَذِكْرُهُ في الممدوحين ، أو عدم ذكره فيهم أيضاً كما في المنتهى (٢) ، والوسائل ناش عن عدم التجسس عن حاله.
__________________
(١) الخرائج والجرائح ١ : ١٣٦ / ٢٢٣.
(٢) منتهى المقال ١ : ٦٦ ، والأوْلى أن تكون العبارة هكذا :
« فذكره في الممدوحين كما في المنتهى ، أو عدم ذكره فيهم كما في الوسائل ناشٍ عن عدم التجسس عن حاله ».
بقرينة ذكره في المنتهى ، وإهماله في الوسائل ، ولما كان من منهج صاحب المنتهى أن لا يذكر المجاهيل والضعفاء ، يعلم منه أن من ذكره ولم يوثق فهو حسن عنده.
ومع هذا فقد يشكل على المصنف بأن الشيخ الحر لم يقصد في الوسائل في الفائدة الثانية عشرة من الخاتمة استيعاب الثقات والممدوحين بل ترك جملة منهم.
وعليه فلا يدل تركه ذكر سفينة على عدم حسنه عنده ، وقد أشرنا إلى ذلك بشيء من التفصيل في مقدمة تحقيق هذه الخاتمة في جزئها الأوّل المحقق المطبوع ، فراجع.