خرقة قد اتّزرت بها ، فكنت (١) على لوح ، وأقبل اللّوح يرمي بي على جبل في البحر ، فإذا صعدت وظننت انّي نجوت ، جاءتني مَوجةٌ فانتسفَتْني ، ففعلت بي مراراً ، ثمّ أنِّي خرجت اشتدُّ على شاطئ البحر ، فلم تلحقني ، فحمدت الله على سلامتي.
فبينما أنا أمشي ، إذ بصر بي أسدٌ ، فأقبل نحوي يريد أن يفترسني ، فرفعت يديّ إلى السّماء ، فقلت : اللهم أني عبدك ومولى نبيّك صلىاللهعليهوآلهوسلم نجّيتني من الغرق ، أفتسلّط عليّ سَبُعك ، فَأُلهمْتُ أنْ قلت : أيّها السَّبُع أنا سفينةُ مولى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢). احْفَظْ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مولاه.
فوالله إنه لترك الزَّئير ، وأقبل كالسِنور يمسح خدّه بهذه الساق مرّة وبهذه الساق أخرى ، وهو ينظر في وجهي مليّاً ، ثمّ طأْطَأ ظهرَه وأومأ إليّ أن أركب ، فركبت ظهره ، فخرج يَخُبُ (٣) بي ، فما كان بأسرع من أنْ أَهبط جزيرة ، وإذا فيها من الشجر والثمار وعين عذبه (٤) من ماء ، فدهشت ، فوقف وأومأ إليّ أن انزل ، فنزلت ، وبقي واقفاً حذاي ينظر ، فأخذت من تلك الثّمار وأكلت ، وشربت من ذلك الماء فرويت ، وعمدت إلى ورقة فجعلتها مئزراً واتزرت بها ، وتَلَحَّفْتُ بأُخرى ، وجعلت ورقة شبيهاً بالمِزْود (٥) فملأتها من تلك الثمار ، وبللت الخرقة التي كانت معي لأعصرها
__________________
(١) في (الأصل) و (الحجرية) : (نسخة بدل : فركبت). وما في المتن موافق للمصدر.
(٢) الصلاة التي بعده وردت في (الأصل) و (الحجرية) دون المصدر ، وهذه فيه دونهما.
(٣) يخب : أي يعدو ، من الخبب ، مصدر خبَّ يَخُبُّ ، بضم الخاء المعجمة : وهو ضرب من العَدْوِ. لسان العرب ١ : ٣٤١ خَبَبَ.
(٤) في الأصل والحجرية : (نسخة بدل : غزيرة)
(٥) المِزْوَدُ : وعاء يجعل فيه الزاد. لسان العرب ٣ : ١٩٨ زَوَد.