وبما رواه الراوندي في الخرائج : أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث برجل يقال له : سَفينة بكتاب إلى مُعاذ وهو باليمن ، فلما صار [في بعض] الطريق ، إذا هو بأسد رابضِ في الطريق ، فخاف أن يجوز ، فقال : أيّها الأسد إنّي رسول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مُعاذ ، وهذا كتابه إليه ، فَهَرْوَلَ الأسَدُ قُدّامه غَلْوَةً (١) ، ثمّ هَمْهَمَ ، ثمّ خرج ، ثمّ تَنَحّى عن الطريق.
فلما رجع بجواب الكتاب ، فإذا بالسَّبُعِ في الطريق! ففعل مثل ذلكَ فلما قَدِمَ على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبره بذلك ، فقال : إنَّه قال في المرّة الأُولى : كيف رسول الله؟ وقال في المرة الثانية : اقرأ رسول الله السلام (٢).
وفيه : روى ابن الأعرابي (٣) ، أنَّ سَفِينَة مولى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : خرجت غازياً ، فَكُسِر بي ، فغرق المركب وما فيه ، وأَقبلت وما عليّ إلاّ
__________________
(١) في (الأصل) و (الحجرية) : (نسخة بدل : عَنْوَة).
والصحيح : غَلْوةٌ ، وهي مسافة مقدارها رمية سهم ، وكان بها يقدر مدى الأميال والفراسخ ، والفرسخ التام خمس وعشرون غَلْوَة.
وأمّا العَنْوَة ، فهي اسم لـ (عنا) ، أي : ذلّ واستكان وخضع ، ويراد بها : القهر والغلبة ، والظاهر كونها مصحفة عن (غلوة) في نسخة البدل لعدم مناسبتها للمقام.
انظر لسان العرب ١٥ : ١٠٢ ، عنا و ١٥ : ١٣٢ ، غلا.
(٢) الخرائج والجرائح ١ : ٤٠ / ٤٧.
(٣) في المصدر : ما روي عن ابن الأعرج. وأشار في هامشه إلى وجوده بلفظ ابن الأعرابي في نسخ أُخرى وكذلك في بحار الأنوار.