وَرِفَاعَة بن شَدّاد البَجَلِيّ ، وعبد الله بن والٍ التَّيْمِيّ. واجتمعوا في دار سليمان ومعهم أُناس من الشيعة ، فبدأ سليمان بالكلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال :
أمّا بعد فقد ابْتُلينا بطول العمر والتعرض للفتن ، ونرغب إلى ربّنا أن لا يجعلنا ممّن يقول له : (أَ وَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (١) وقال علي عليهالسلام : العمر الذي اعْذرَ اللهُ فيه ستون سنة ، وليس فينا إلاّ مَنْ قد بلغها ، وكنّا مُغْرمين بتزكية أنفسنا ومدح شيعتنا ، حتى بلى الله خيارنا ، فوجدنا كذّابين في نصر ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا عذر دون أنْ تقتلوا قاتليه ، فعسى ربّنا أن يَعْفوَ عنّا.
قال رِفاعة بن شَدّاد : قد هداك الله لأصوب القول ، ودعوت إلى أرشد الأُمور جهاد الفاسقين ، وإلى التوبة من الذنب ، فمسموع منك ، مستجاب لك ، مقبول قولك ، فإن رأيتم ولّينا هذا الأمر شيخ الشيعة صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سليمان بن صرد.
فقال المُسَيّب بن نَجَبَة : وأَنا أَرى الّذي رأيتم ، فاستعدُّوا للحرب. إلى أنْ ذكر خروجهم ولقاءهم أهل الشام بالرقَّة.
قال : وحمل بعضهم على بعض ، وجعل سليمان يحرضهم على القتال ويبشّرهم بكرامة الله ، ثم كَسَر جِفنَ سيفه وتقدّم نحو أهل الشام وهو يقول :
إلَيْكَ رَبِّي تُبْتُ مِنْ ذُنُوبِي |
|
وَقَدْ عَلَانِي فِي الوَرَى مَشِيبِي |
فَارْحَم عُبَيْداً عرما تكذيب |
|
واغفر ذنوبي سيدي وَحَوْبِي(٢) |
__________________
(١) فاطر : ٣٥ / ٣٧.
(٢) العرم هنا بمعنى الشدة والكثرة ، وفي البيت إشارة لقوله السابق : « ... حتى بلى