ثمّ نرجع إلى تمام الحديث :
قال : قطع محمد بن الحنفيّة الكلام وبكى ، فبكى [ معه ] (١) الحسين عليهالسلام ساعة ، ثمّ قال : يا أخي ، جزاك الله خيراً فقد نصحت وأشرت بالصواب ، وأنا عازم على الخروج إلى مكّة ، وقد تهيّأت لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي وشيعتي ممّن أمرهم (٢) أمري ورأيهم رأيي ، وأمّا أنت يا أخي فما عليك أن تقيم بالمدينة ، فتكون لي عيناً عليهم لا تخف عنّي شيئاً من امورهم.
ثمّ دعا الحسين عليهالسلام بدواة وبياض وكتب هذه الوصيّة لأخيه محمد رضي الله عنه :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أوصى به الحسين بن عليّ بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفيّة ، أنّ الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّداً عبده ورسوله ، جاء بالحقّ من عند الحقّ ، وأن الجنّة والنار حقّ ، وأن الساعة أتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الاصلاح في اُمّة جدّي صلىاللهعليهوآله ، اريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي محمد صلىاللهعليهوآله وأبي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومن ردّ علي هذا أصبر (٣) حتّى يقضي الله بيني وبين القوم
____________
٩ ح ٣١ ، والكافي : ٥/٥٣ ح ٢.
١ ـ من المقتل والبحار.
٢ ـ كذا في المقتل ، وفي الأصل والبحار : وشيعتي وأمرهم.
٣ ـ في المقتل : صبرت.