قالوا : بخّ بخّ ، أنت والله فقرة الظهر ، ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطاً ، وتقدّمت فيه فرطاً.
قال : فإنّي قد جمعتكم لأمر اُريد أن اُشاوركم فيه وأستعين بكم عليه.
فقالوا : والله إنّا نمنحك النصيحة ، ونجهد لك الرأي ، فقل نسمع.
فقال : إنّ معاوية مات فأهون به هالكاً مفقوداً ، وإنّه قد انكسر باب (١) الجور ، وتضعضعت أركان الظلم ، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمراً ظنّ أنّه قد أحكمه ، وهيهات بالّذي أراد ، اجتهد إليه ففشل ، وشاور فخذل ، وقد قام يزيد ـ شارب الخمر ورأس الفجور ـ يدّعي الخلافة على المسلمين ، ويتأمّر عليهم ، مع قصر حلم ، وقلّة علم ، لا يعرف من الحقّ موطىء قدمه ، فاُقسم بالله قسماً مبروراً انّ الجهاد في الدين أفضل من جهاد المشركين.
وهذا الحسين بن عليّ ابن بنت رسول الله عليه وآله ، ذو الشرف الأصيل والرأي الأثيل ، [ له ] (٢) فضل لا يوصف ، وعلم لا ينزف ، وهو أولى بهذا الأمر لسابقته وسنّه وقدمه وقرابته ، يعطف على الصغير ، ويحنو على الكبير ، فأكرم به راعي رعيّة ، وإمام قوم وجبت لله به الحجّة ، وبلغت به الموعظة ، فلا تعشوا عن نور الحقّ ، ولا تسكّعوا (٣) في وهدة الباطل ، فقد كان صخر بن قيس قد انخذل (٤) بكم يوم الجمل ، فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ونصرته ، والله لا يقصّر أحد عن نصرته إلا أورثه الله الذلّ في ولده ،
__________________
١ ـ كذا في الملهوف ، وفي الأصل : انكسرت نار.
٢ ـ من الملهوف.
٣ ـ التسكّع : التمادي في الباطل.
٤ ـ كذا في الملهوف ، وفي الأصل : فقد صخر بن قيس انخذل.