المغتال القتّال ، السفّاك الفتّاك ، الهتّاك الأفّاك ، فداسهم دوس السنبل وذراهم ذرى الحبّ كما قال فيه بعض عارفيه : جاءنا أعمش اختفش ارحميمة برجلها وأخرج إليها ثياباً قصاراً ، والله ما عرق فيها عنان في سبيل الله ، فقال : بايعوني فبايعناه ، وفي هذه الأعواد ينظر إلينا بالتصغير ، وننظر إليه بالتعظيم ، يأمرنا بالمعروف ونجيبه ، وينهانا عن المنكر ونرتكبه ، فاستعبد أحرارهم ، وأباد خيارهم ، وأذلّ بالتسخير رجالهم ، وأيتم بفتكه أطفالهم ، فتفرّقوا أيادي سبأ ، واتّخذوا سبيلهم في الأرض سرباً.
فانظر إلى فروع اُصولها في زمانك ، ونتائج مقدّماتها في أوانك ، هل ترهم إلاّ بين شرطي ذميم ، أو عتلّ زنيم ، أو ممسك لئيم ، أو معتد أثيم؟
بغض ذرّيّة الرسول في جبلّتهم مركوز ، والتغامز عليهم بالحواجب في طبيعتهم مرموز ، يقصدونهم في أنفسهم وأموالهم ، ويهضمونهم بأقوالهم وأفعالهم ، ويتجّسّسون على عوراتهم ، ويتّبعون عثراتهم ، وبالأعين عليهم يتلامزون ، وإذا مروّا بهم يتغامزون ، إن رأوا فضيلة من فضائلهم كتموها ، وإن بدرت منهم صغيرة أكبروها ، يغرون بهم سفاءهم ، وينصرون عليهم أعداءهم ، أتباع كلّ ناعق ، وأشياع كلّ مارق ، لا يستضيؤون بنور العلم ، ولا يترتّبون برتبة الحلم ، يدّعون حبّ ذرّيّة نبيّهم ، وصفحات وجوههم تنطق بتكذيبهم ، ويظهرون النصيحة لعترة وليهّم ، ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، يؤذون الجار ، ويهضمون الأخيار ، ويعظّمون الأشرار ، ويحسدون على ربع دينار.
ولقد أقمت فيهم مدّة ، وصحبت منهم عدّة ، وعمرّت المساكن المونقة وغرست الحدائق المغدمة ، أكثر ... (١) سوادهم ، ولا آكل زادهم ، اُكافي على الحسنة بعشر أمثالها ، واُجازي بالهدية أضعاف أثقالها ، وأتعفّف عن ولائمهم ،
__________________
١ ـ غير مقروءة في الأصل.