ذلك كلّه وقال لأصحاب الإبل : لا اُكرهكم ، من أحبّ أن يمضي معي إلى العراق أوفيناه كراه حسناً ، وأحسنّا صحبته ، ومن أراد فرقتنا من مكاننا هذا وفيناه كراه بقدر ما قطع من الطريق ، فمن فارقه حاسبه ووفّاه حقّه (١) ، ومن مضى معه أعطاه كراه وكساه. (٢)
وإنّما أخذ عليهالسلام العير لأنّها كانت من أموال المسلمين ، وكان حكم المسلمين ، إليه صلوات الله عليه ، وكان خروجه قبل أن يعلم بقتل مسلم ؛ وقيل : كان خروجه من مكّة يوم قتل مسلم بعد أن كتب إليه مسلم بأخذ البيعة واجتماع الناس عليه وانتظارهم إيّاه.
وروى ابن جرير ـ بحذف الاسناد ـ عن الأعمش قال : قال لي أبو محمد الواقدي وزرارة بن صالح (٣) : لقينا الحسين عليهالسلام قبل أن يخرج إلى العراق بثلاثة ، فأخبرناه بضعف الناس بالكوفة ، وأنّ قلوبهم معه واسيافهم عليه.
فأومأ بيده نحو السماء ، ففتحت أبواب السماء ، ونزلت الملائكة عدداً لا يحصيه إلاّ الله عزّوجلّ.
فقال عليهالسلام : لو لا تقارب الاشياء ، وسقوط الأجر ، (٤) لقاتلتهم بهؤلاء ، ولكنّي أعلم علماً (٥) أنّ هناك مصرعي ، وهناك مصارع أصحابي ، لا
__________________
١ ـ في المقتل : ما قطع من الأرض ، فمن فارقه منهم حوسب وأوفاء حقّه.
٢ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ١/٢٢٠ نقلاً عن ابن أعثم.
٣ ـ في الملهوف : خلج.
وذكر في مستدركات علم الرجال : ٣/٤٢٥ زرارة بن خلج وزرارة بن صالح وعدّهما شخصين ، وكلامهما تشرّف بلقاء الحسين عليهالسلام ، ولعلّ الاسمين لشخص واحد.
٤ ـ في الملهوف : وحضور الأجل.
٥ ـ في الملهوف : يقيناً.