قال : ثمّ سار صلوات الله عليه حتّى نزل الثَّعلبيّة (١) وقت الظهيرة فوضع رأسه فرقد ، ثمّ استيقظ ، فقال : رأيت هاتفاً (٢) يقول : أنتم تسرعون (٣) والمنايا تسرع بكم إلى الجنّة.
فقال له ابنه علي : يا أباه ، ألسنا على الحقّ؟
فقال : بلى ، يا بنيّ ، والّذي إليه مرجع العباد.
فقال : يا أباه ، إذن لا نبالي بالموت.
فقال الحسين عليهالسلام : جزاك الله خير ما جزى ولداً عن والده.
ثمّ بات صلوات الله عليه ، فلمّا أصبح إذا برجل من أهل الكوفة يكنّى أبا هِرّة الأزدي قد أتاه فسلّم عليه ، ثمّ قال : يا ابن رسول الله ، ما الّذي أخرجك من حرم الله وحرم جدّك صلىاللهعليهوآله ؟
فقال الحسين عليهالسلام : ويحك يا أبا هرّة ، إنّ بني اُميّة أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وأيم الله لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنّهم الله ذلّاً شاملاً وسيفاً قَاطعاً ، وليسلّطنَّ عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة [ منهم ] (٤) فحكمت في أموالهم ودمائهم
____________
٤٤/٣٦٨ عن كتابنا هذا. وكذا في عوالم العلوم : ١٧/٢١٨.
١ ـ الثعلبية : من منازل طريق مكّة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيميّة ، وهي ثلثا الطريق ، وأسفل منها ماء يقال له الضُويجعة على ميل منها مشرف ، وإنمّا سمّيت بالثعلبيّة لإقامة ثعلبة بن عمرو بها ؛ وقيل : سمّيت بثَعلَبة بن دودان بن أسد وهو أوّل من حفرها ونزلها. « معجم البلدان : ٢/٧٨ ».
٢ ـ في المقتل : فارساً.
٣ ـ في الملهوف : تسيرون.
٤ ـ من المقتل والملهوف.