الحياة بعد هؤلاء ، فعلمنا أنّه يسير لا محالة ، فقلنا : خار الله لك. (١)
وقيل : إنّ الخبر أتى الحسين بقتل مسلم في زُبالة (٢) ، فعرف بذلك جماعة ممّذن تبعه ، فتفرّق عنه أهل الأطماع والارتياب ، وبقي معه أهله وخيار أصحابه.
قال : وارتجّ الوضع لقتل مسلم وسالت الدموع كلّ مسيل. (٣)
ثمّ سار الحسين عليهالسلام قاصداً لما دعاه الله إليه ، فلقيه الفرزدق ، فسلّم عليه ودنا منه وقبّل يده ، فقال له الحسين : من أين أقبلت؟
قال : من الكوفة.
قال : كيف خلّفت الناس (٤)؟
فقال الفرزدق : يا أبا عبد الله ، كيف تركن إله أهل الكوفة وهم الّذين قتلوا ابن عمّك مسلم وشيعته؟
فاستعبر الحسين عليهالسلام باكياً ، ثمّ قال : رحم الله مسلماً ، فقد صار إلى روح الله وريحانه ، وجنّته (٥) ورضوانه ، قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ، ثمّ أنشأ يقول :
فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة |
|
فإنّ ثواب الله أعلى وأنبلُ |
____________
١ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ١/٢٢٨ ـ ٢٢٩. وانظر : وقعة الطفّ : ١٦٤.
٢ ـ زبالة : منزل معروف بطريق مكّة من الكوفة ، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية ... بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد. « معجم البلدان : ٣/١٢٩ ».
٣ ـ الملهوف على قتلى الطفوف : ١٣٤.
٤ ـ في المقتل : أهل الكوفة.
٥ ـ في المقتل والملهوف : وتحيّته.