قال : فركب أصحاب الحسين وساقوا النساء بين أيديهم لينصرفوا إلى مكّة ، فتقدّمت خيل أهل الكوفة حتّى حالت بينهم وبين المسير ، وضرب الحسين بيده إلى سيفه ، وقال : يا ابن يزيد ، ثكلتك اُمّك ، ما الّذي أن تصنع؟
فقال الحرّ : أمّا والله يا حسين ، لو قالها أحد من العرب غيرك لرددتها عليه كائناً من كان ، ولكن والله مالي إلى ذكر اُمّك من سبيل ، غير أنّي لابّد أن أنطلق بك إلى ابن زياد.
فقال الحسين عليهالسلام : أمّا والله لا أتبعك أو تذهب نفسي.
فقال الحرّ : إذا والله لا افارقك أو تذهب نفسي ونفس أصحابي.
قال الحسين عليهالسلام : فذر أصحابك وأصحابي وابرز إليّ ، فإن قتلتني حملت رأسي إلى ابن زياد ، وإن قتلتك أرحت الخلق منك.
فقال الحرّ : إنّي لم أُؤمر بقتالك ، وإنّما اُمرت أن لا أُفارقك أو أقدم بك على ابن زياد ، وأنا كاره والله أن أبتلي بشيء من أمرك ، غير أنّي أخذت بيعة القوم وخرجت إليك ، وأنا أعلم أنّه ما يوافي أحد من هذه الاُمّة يوم القيامة الّا وهو يرجو شفاعة جدّك ، وأنا خائف إن قاتلتك أن أخسر الدنيا والآخرة ، لكن يا أبا عبد الله ، لا أقدر على الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا ، فخذ في غير الطريق وامض حيث شئت حتّى أكتب إلى ابن زياد انّ الحسين خالفني الطريق فلم أقدر عليه ، وأنا اُنشدك الله في نفسك.
فقال : يا حرّ ، كأنّك تخبرني أنّي مقتول.
قال الحرّ : نعم يا أبا عبد الله ، ما أشكّ في ذلك إلاّ أن ترجع من حيث