وتكلّم جماعة أصحابه بنحو من ذلك ، وقالوا : أنفسنا لك الفداء نقيك بأيدينا ووجوهنا ، فإذا نحن قُتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربّنا [ وقضينا ] (١) ما علينا.
وقيل لمحمد بن بشير الحضرمي في تلك الحال : قد اُسر ابنك بثغر الريّ.
فقال : عند الله أحتسبه ونفسي ، ما كنت اُحبّ أن يؤسر وأبقى بعده.
فسمع الحسين عليهالسلام قوله ، فقال : رحمك الله ، أنت في حلّ من بيعتي ، فاعمل في فكاك ابنك.
فقال : أكلتني السباع حيّاً إن فارقتك.
قال : فأعط ابنك هذه الأثواب البرود (٢) يستعين بها على (٣) فكاك أخيه.
فأعطاه خسمة أثواب قيمتها ألف دينار.
قال : فلمّا كان الغداة أمر الحسين بفسطاطه فضرب ، وأمر بجفنة فيها مسك كثير وجعل عندها نورة ، ثمّ دخل ليطلي.
فروي أن برير بن خضير (٤) وعبد الرحمان بن عبد ربّه الأنصاري وقفا على باب الفسطاط فتطلّيا بعد الحسين عليهالسلام ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمان.
فقال عبد الرحمن : يا برير ، أتضحك؟! ما هذه ساعة ضحك ولا باطل. (٥)
____________
١ ـ من الملهوف.
٢ ـ في الملهوف : هذه البرود ، والبُرد : ثوب.
٣ ـ في الملهوف : في.
٤ ـ في الملهوف : حصين.
٥ ـ كذا في الملهوف : وفي الأصل : أتضحك هذه حال باطل؟