يساره فلم ير أحداً ، فخرج عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام ، وكان مريضاً لا يقدر أن يقلّ سيفه ، واُمّ كلثوم تنادي خلفه : يا بنيّ ، ارجع.
فقال : يا عمّتاه ، ذريني اُقاتل بين يدي ابن رسول الله.
وقال الحسين عليهالسلام : يا اُمّ كلثوم ، خذيه لئلّا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد صلىاللهعليهوآله .
ولمّا فجع الحسين عليهالسلام بأهل بيته وولده ، ولم يبق غيره وغير النساء والذراري نادى : هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟ هل من موحّد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟ [ هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا ] (١)؟ وارتفعت أصوات النساء بالعويل ، فتقدّم صلوات الله عليه إلى باب الخيمة ، فقال : ناولوني عليّاً ابني الطفل حتّى اودّعه ، فناولوه الصبيّ ، فجعل يقبّله وهو يقول : ويل لهؤلاء القوم إذا كان جدّك محمد صلىاللهعليهوآله خصمهم ، والصبيّ في حجره ، إذ رماه حرملة بن كاهل الأسديّ لعنه الله بسهم فذبحه في حجر الحسين ، فتلقّى الحسين دمه حتّى امتلأت كفّه ، ثمّ رمى به إلى السماء فما رجع منه شيء ، ثمّ قال : لا يكون أهون عليك من فصيل ، اللّهمّ إن كنتَ حبستَ عنّا النصر فاجعل ذلك لما هو خير لنا. (٢)
____________
١ ـ من المقتل.
٢ ـ في « ح » ونقل انّه لمّا قُتل العبّاس تدافعوا الرجال على الحسين عليهالسلام وأصحابه ، فلمّا نظر ذلك منهم نادى بالقوم : أمّا من مجير يجيرنا؟ أمّا من مغيث يغيثنا؟ أمّا من طالب حقّ ينصرنا؟ أمّا من خائف من النّار يذبّ عنّا؟ أمّا من أحدٍ يأتينا بشربة من الماء لهذا الطفل الصغير فإنّه لا يطيق الظمأ؟
فقام إليه ولده الأكبر شبيه الرسول ، فقال : أنا أتيك بالماء يا سيّدي.