فناداه شمر ، فقال : ما تقول ، يا ابن فاطمة؟
قال : أقول : انّا الّذي اُقاتلكم وتقاتولني ، والنساء ليس عليهنّ جناح ، فامنعوا عُتاتكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّاً.
فقال شمر : لك هذا ، ثمّ صاح شمر : إليكم عن حرم الرجل ، فاقصدوه في نفسه ، فلعمري لهو كفو كريم.
قال : فقصدوه القوم وهو في ضمن ذلك يطلب شربة ماء ، فكلّما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه أجمعهم حتّى أحالوه (١) عنه ، ثمّ رماه رجل من القوم يكنّى أبا الحتوف الجعفي لعنه الله بسهم ، فوقع السهم في جبهته ، فنزعه من جبهته ، فسالت الدماء على وجهه ولحيته ، فقال صلوات الله عليه ، اللّهمّ إنّك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة ، اللّهمّ أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحداً ، ولا تغفر لهم أبداً.
ثمّ حمل عليهم كالليث المغضب ، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلّا بعجه بسيفه فقتله ، والسهام آخذة له من كلّ ناحية وهو يتّقيها بنحره وصدره ، ويقول : يا اُمّة السوء ، بئسما خلّفتم محمّداً في عترته ، أمّا إنّكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد الله فتهابوا قتله ، بل يهون عليكم عند قتلكم إيّاي ، وأيم الله إنّي لأرجو أن يكرمني ربّي بالشهادة بهوانكم ، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.
قال : فصاح به الحصين بن مالك السكوني ، فقال : وبماذا ينتقم لك منّا؟
قال : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثمّ يصّب عليكم العذاب
__________________
١ ـ في المقتل : أجلوه.