فهذه الأيدي تنطف (١) من دمائنا ، والأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها (٢) العواسل ، وتعفوها اُمّهات الفراعل ، ولئن اتّخذتنا مغنماً لتجدنّا وشيكاً مغرماً ، حين لا تجد إلّا ما قدّمت [ يداك ] (٣) ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤) ) فإلى الله المشتكى وعليه المعوّل.
فكد كيدك ، واسعَ سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا ترحض عنك عارها ، وهل رأيك إلّا فند ، وأيّامك إلّا عدد ، وجمعك إلّا بدد؟ ويوم ينادي المناد : ألا لعنة الله على الظالمين.
والحمدُ للهِ الّذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله (٥) أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلف (٦) ، إنّه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فقال يزيد لعنه الله :
يا صيحةً تعلن من صوائح |
|
ما أهون الحزن (٧) على النوائح (٨) |
قال : ودعا يزيد الخاطب وأمره أن يصعد المنبر ويذمّ الحسين وأباه
__________________
١ ـ في الملهوف : تنضح.
٢ ـ في الملهوف : تتناهبها.
٣ ـ من المقتل والملهوف.
٤ ـ سورة فصلت : ٤٦.
٥ ـ لفظ الجلالة أثبتناه من المقتل والملهوف.
٦ ـ في الملهوف : الخلافة.
٧ ـ يا صيحة تحمد ... الموت.
٨ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ٢/٦٤ ـ ٦٦ ، الملهوف على قتلى الطفوف ٢١٤ ـ ٢١٨ ، البحار : ٤٥/١٣٣.