التراب من تحت قدميّ تبرّكاً به لأني من أحفاد داود ، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيّكم وما بينه وبين نبيّكم إلّا اُمّ واحدة ، فأيّ دين دينكم؟ ثمّ قال : هل سمعت بحديث كنيسة الحافر؟
فقال يزيد : قل حتّى أسمع.
قال : إن بين عمان والصين بحر مسيرة سنة ، ليس فيه عامر (١) إلّا بلدة واحدة في وسط الماء ، طولها ثمانون فرسخاً في ثمانين ، ما على [ وجه ] (٢) الأرض بلدة أكبر منها ، ومنها يحمل الكافور والياقوت ، أشجارهم العود ومنهم يحمل العنبر ، وهي في أيدي النصارى ، لا ملك لأحد فيها من الملوك ، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر ، في محرابها حقّة من ذهب معلّقة فيها حافر يقولون إنّه حافر حمار كان يركبه عيسى عليهالسلام ، وقد زيّنوا حول الحقّة من الذهب والديباج ما لا يوصف ، في كلّ عام يقصدونها العلماء من النصارى ، يطوفون بتلك الحقّة ويقبّلونها ، ويرفعون حوائجهم إلى الله سبحانه ، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنّه حافر حمار عيسى ، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيّكم ، فلا بارك الله فيكم ، ولا في دينكم.
فقال يزيد [ لأصحابه ] (٣) : اقتلوا هذا النصرانيّ ، فإنّه يفضحني إن رجع إلى بلاده فيشنّع عليَّ ، فلمّا أحسّ النصرانيّ بالقتل قال : يا يزيد ، تريد أن تقتلني؟
قال : نعم.
قال : اعلم أنّي رأيت البارحة نبيّكم في المنام [ وهو ] (٤) يقول لي : يا نصرانيّ ، أنت من أهل الجنّة ، فتعجّبت من كلامه ، وها أنا أشهد أن لا إله إلّا
__________________
١ ـ في المقتل : عمران.
٢ و ٣ و ٤ ـ من المقتل.