قال : فاجتمعت العساكر إلى معاوية وسار قاصداً إلى العراق ، وبلغ الحسن خبر مسيره وانّه قد بلغ جسر منبج ، فتحرّك عند ذلك وبعث حجر بن عديّ يأمر الناس بالتهيّؤ للمسير ، ونادى المنادي ، الصلاة جامعة ، فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون ، فصعد عليهالسلام المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد :
فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرهاً ، ثمّ قال لأهل الجهاد من المؤمنين : ( وَاصبِرُوا إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (١) فلستم ـ أيّها الناس ـ بنائلين ما تحبّون إلا بالصبر على ما تكرهون ، إنّه بلغني انّ معاوية بلغه انّا كنّا أزمعنا [ على ] (٢) المسير إليه فتحرّك لذلك، اخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة حتّى ننظر وينظرون، ونرى ويرون.(٣)
قال : وإنّه في كلامه يتخوف خذلان الناس إيّاه ، فسكتوا فما تكلّم منهم أحد ولا أجابه بحرف ، فلمّا رأى ذلك عديّ بن حاتم قال : أنا ابن حاتم (٤) ، سبحان الله! ما أقبح هذا المقام؟ ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيّكم؟ أين خطباء مضر؟ أين المتبلغون الخوّاضون (٥) من أهل مصر الّذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة ، فإذا جاء (٦) الجدّ فروّاغون كالثعالب؟ أمّا يخافون مقت
____________
١ ـ سورة الأنفال : ٤٦.
٢ ـ من المقاتل.
٣ ـ في المقاتل : حتّى ننظر وتنظروا ، ونرى وتروا.
٤ ـ بعده ـ في الأصل ـ كلمة غير مقروءة.
٥ ـ في المقاتل : أين خبطاء مضر؟ أين المسلمون؟ أين الخوّاضون ...؟
٦ ـ في المقاتل : جدّ.