الندبة
يا من طمست أنوار الاسلام بمصيبته ، ودرست آثار الايمان بواقعته ، وخفرت ذمّة الرسول لخفر ذمّته ، ونتهكت حرمة البتول لانتهاك حرمته ، ها نحن عبيدك وأبناء عبيدك ، العارفون من مقامات الشرف بطارفك وتليدك ، المستمسكون من دلائل بعروة عصمة لا انفصام لحبلها ، المخلصون في ودادك بصدق نيّة لا مزيد على فرعها وأصلها.
قد اجتمعنا في حضرتك الشريفة ، وبقعتك المنيفة ، لنوفي التعزية بمصابك حقّها ، ونفضي إليك بقلوب قد أخلصت لولائك صدقها ، وتذرف عبرات من عيون قريحة ، وتصاعد زفرات من قلوب جريحة ، جزعاً لواقعتك الّتي هدّت أركان الدين هدّاً ، وأحلّت في قلوب المؤمنين كرباً ووجداً ، ونبدي أسفاً إذ لم نكن من المبارزين أعداءك في عرصة القتال ، ونتأوه لها خيبة أنّا لم نكن من المناجزين أضدادك عند مقارعة الأبطال ، ويرانا الله قد اُريقت في نصرتك دماؤنا ، وقطعت أوصالنا ، نتلقّى عنك حدود الصفاح بوجوهنا ، ونقابل رؤوس الرماح بصدورنا ، مخلصين في طاعتك ، مناصحين في متابعتك ، نرى طعم الموت في جهاد أعدائك ، أحلى من العسل المشار ، وارتكاب الأخطار في إظهار أمرك أولى من ركوب العار.
قد امتزجت دماؤنا بدمك ، وحصلنا في عداد جندك وخدمك ، قد سبقتنا أطرافنا إلى جنّة المأوى ، وعرجت أرواحنا إلى الرفيق الأعلى ، وسمينا بشهداء كربلاء ، ووسمنا بسادة الشهداء ، تبارك علينا الملائكة الكرام في صلواتها ، وتهدي إلينا سلامها وتحيّاتها.
فيا لها غصّة في نفوسنا ، وحسرة في قلوبنا ، لا تنقضي إلّا بنصرة القائم