قال : هو هذا أنت واقف في أرضه ، فأمّا القبر فإنّه قد عمي عن أن يعرف موضعه.
قال أبوبكر بن عيّاش : وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قطّ ، ولا أتيته طول عمري ، فقلت : من لي بمعرفته؟ فمضى معي الشيخ حتّى أوقفني على باب حائر له باب وآذن ، وإذا جماعة كثيرة على الباب فقلت للآذن : اريد الدخول على ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله .
فقال : لا تقدر على الوصول في هذا الوقت.
فقلت : ولم؟
فقال : هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله ، ومحمد رسول الله ، ومعهما جبريل وميكائيل في رعيل من الملائكة كثير.
قال أبوبكر بن عيّاش : فانتبهت ، وقد دخلني روع شديد وحزن وكآبة ، ومضت بي الأيّام حتّى كدت أن أنسى المنام ، ثمّ اضطررت إلى الخروج إلى بني غاضرة لدين كان لي على رجل منهم ، فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتّى إذا صرت إلى قنطرة الكوفة لقوني عشرة من اللصوص ، فحيث رأيتهم ذكرت الحديث ، ورعبت من خشيتي ، فقالوا : الق ما معك وانج بنفسك ، وكانت معي نفيقة.
فقلت : ويحكم أنا أبوبكر بن عيّاش ، وإنّما خرجت لطلب دين لي ، فالله الله لا تقطعوني عن طلب ديني ، وتضرّوني في نفقتي ، فإنّي شديد الإضافة (١) ، فنادى رجل منهم : مولاي وربّ الكعبة لا نتعرّض له ، ثمّ قال لبعض غلمانه :
__________________
١ ـ من الإضافة : الضيافة.