ومحيلة لا يسدّ بهم ثغر ، ولا ينقضي بهم أمر ، وأكثرهم كانوا يكاتبون معاوية من قبل أن يخرج من الشام ، وعلم الحسن عليهالسلام ذلك منهم وتحققه ، وربّما كانوا ينصرفون إلى معاوية إذا التقى الجمعان ويقاتلونه إلا قليلاً منهم لا يقاومه الجمهور العظيم والجم الغفير ، فأجاب عليهالسلام من بعدما علم وتحقق احتيال معاوية واغتياله غير أنّه لم يجد بداً من إجابته.
فقال الحسين : أعيذك من هذا بالله ، فأبى.
وأنفذ إلى معاوية عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب فتوثّق منه لتأكيد الحجّة بأن يعمل في الناس بكتاب الله وسنّة رسوله ، والأمر من بعده شورى ، وأن [ يترك سبّ عليّ ، وأن يؤمن شيعته ولا يتعرض لأحد منهم و ] (١) يوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه ، ويوفر عليه حقّ كلّ سنة خمسون ألف درهم ، فعاهده معاوية على ذلك وحلف على الوفاء [ به ] (٢) ، وشهد بذلك عبد الله ابن الحارث وعمرو بن أبي سلمة وعبد الله بن عامر بن كريز وعبد الرحمان ابن أبي سمرة وغيرهم.
وروي أنّ الحسن عليهالسلام قال في صلح معاوية : أيّها الناس ، لو طلبتم ما بين جابلقا وجابرسا رجلاً جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ما وجدتموه غيري وغير أخي ، وإن معاوية نازعني حقّاً هولي فتركته لصلاح الاُمّة وحقن دمائها ، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت ، وقد رأيت أن اسالمه ، وأن يكون ما صنعت حجّة على من كان يتمنّى هذا الأمر ، ( وَإِن أَدرِي لَعَلَّه فِتنَةٌ لَكُم وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) (٣).
__________________
١ و ٢ ـ من المناقب.
٣ ـ سورة الأنبياء : ١١١.