علم يهتدي المهتدون بواضح مبادئه ، وعالم يقتدي المقتدون بساطع أنواره ، فارس النهار والليل ، ومنكس الأبطال عن صهوات الخيل ، راهب العرب إذا جنّ الظلام ، وكاشف الكرب عن وجه سيّد الأنام ، طاهر النسب ، ظاهر الحسب ، ضرّاب القلل ، بطل السهل والجبل ، حليف الكتاب ، أليف المحراب ، خواض الغمرات ، شديد العزمات.
خلفاء الله على عباده ورتبه ، واُمناؤه في بلاده عترته ، مشاهدهم معارج الدعوات ، وضرائحهم مصاعد الحسنات ، تحنّ قلوب المؤمنين إلى زيارتها حنين الطير إلى أوكارها ، وتتشوّق نفوس المخلصين إلى وفادتها واعتمادها ، جعلها الله أشرف بقاع الأرض ، وسبب النجاة في الحساب والعرض ، والهجرة إليها أفضل أعمال الثقلين ، لا سيّما مرقد أبي عبد الله الحسين ، الّذي هدم ركن الايمان بوفاته ، وقصم حبل الاسلام بفواته ، فهو مهبط ملائكة الله المقرّبين ، ومختلف أرواح الأنبياء والمرسلين.
مسجده أفضل مسجد أُسّس على التقوى من أوّل يوم ، ومشهده أشرف مشهد بنيانه من أولياء الله أشرف قوم ، إن يكن البيت الحرام قبلة للأنام ومعدناً للبركات ، فلكربلاء بحلول سبط المصطفى في تربتها مرجّحات ، شمخت الكعبة فخراً إذ منحت رفعة تعلو على هامة السماك الأعزل والمشتري ، فخوطبت بلسان التأديب : قرّي كعبة فلولا أرض يقال لها كربلا لما خلقتك ، فأطيلي وأقصري.
شرف الكعبة بمولد سيّد الوصيّين كان مقدار ساعة ، وشرف كربلاء بضريح سبط خاتم النبيّين إلى قيام الساعة ، إن يكن الطواف بالكعبة به تمام الحجّ والعمرة ، فالطواف بضريحه يعدل ثوابه ثواب ذلك ألف ألف مرّة ، إن تكن