بيدٍ قد خرجت من الضريح الشريف مشيرة إلى الفقير بثلاث أصابع ، وإذا بقائل يقول : لا تجزع قد بقي من عمر ظالمك ثلاثة.
فأخبر الشيخ المذكور حفدته صبيحة ذلك اليوم بذلك.
فبعد مدّة اجتمعتُ بالمذكور ، فسألته عن ذلك ، فأخبرني بصحّته ، فقلت : يمكن أن الثلاثة ثلاثة أعوام ، أو ثلاثة أشهر ، وفوّضت الأمر إلى الله ، واستشعرت لباس الصبر ، وتأسّيت بالنبيّ ووصيّه وأهل بيتهما.
فما مضت مدّة يسيرة إلّا أقبلت عساكر الروم كالجراد المنتشر ، فكان المذكور زعيم الراية العظمى ، فحين التقى الجمعان وولّى المذكور دبره لا متحرّفاً لقتال ولا متحيّزاً إلى فئة ، بل فراراً وجبناً ، واقتدى بالتيمي وابن صهّاك في الهزيمة يوم خيبر ، فلم يغن عنه الفرار من الله شيئاً ، وأتاه الموت من كلّ مكان ، فصار قتيلاً بدار غربة ، طريحاً في منزل وحشة ، مخضّباً بدم الوريد قوتاً لكلّ خامعة وسيد (١) ، وكان بين الدعاء وقتله ثلاثة أشهر لا ينقص ولا يزيد.
وكان النائب المذكور قد تأخّر في إرسال الكتاب إليه رجاء أن يمضي هو بنفسه مستصحباً للكتاب لينال الزلفى عنده بذلك ، وكان مقيماً ببلدة بغداد منتظراً للأخبار ، فأتاه خبر سيّده فصار بعد العزّ ذليلاً ، وبعد الامارة مأموراً ، فمضى ولدي طاهر إلى الغاصب المذكور وأخذ الكتاب منه قهراً ، وأتى به.
فالحمد لله الّذي جبر كسري ، واستجاب دعائي ، ولم يشمت بي أعدائي ، وإنّما أوردت هذه الاستغاثة في كتابي هذا تيمّناً وتبرّكاً بها ، وإظهار الفضيلة للإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين ، مضافة إلى مناقه السالفة في حياته
__________________
١ ـ الخامعة ، جمعها خوامع ، وهي الضبع لأنّها تخمع ، أيّ تضلع في مشيها.
والسيِّد : الذئب.