.................................................................................................
______________________________________________________
وقد ذكرنا في محلّه (١) أنّ قوله (عليه السلام) : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٢) إشارة إلى ما هو المتعارف بحسب الوجود الخارجي ، ويشتمل على نوع مسامحة في التعبير ، أو أنّه تفنّن في العبارة. والمراد أنّ هذه بعد هذه ، وإلّا فاتصاف الظهر أو المغرب بالقبلية غير معتبر في صحّتها قطعاً.
فلو صلّى الظهر بانياً على ترك العصر عمداً وعصياناً ولم يأت بها بعدها أبداً صحّ الظهر بلا إشكال ، وإن كان آثماً في ترك العصر. أو لو قدّمها نسياناً فتذكّر بعد الفراغ عدم الإتيان بالظهر أتى بها ، ولا حاجة إلى إعادة العصر رعاية للقبلية ، والترتيب المعتبر في العصر ذكرى لا يلزم تداركه ، بمقتضى حديث لا تعاد. أو لو فرضنا أنّه أتى بالظهر ونسي العصر رأساً لم يفت منه من وظيفة الظهر شيء ، وحصل الامتثال بالنسبة إليه بلا إشكال.
فيستكشف من جميع ذلك أنّه لا يشترط في الظهر تقدّمه على العصر ، بل العصر مشروط بتقدّم الظهر عليه. إذن فليس للظهر محلّ شرعي كي تجري فيه قاعدة التجاوز بلحاظ الخروج عن محلّه.
والذي يكشف عمّا ذكرناه أنّه لو كان له محلّ شرعي كان اللّازم جريان قاعدة التجاوز لو عرض له الشكّ أثناء صلاة العصر أيضاً ، إذ بمجرّد الدخول فيها يتجاوز المحلّ ، ولا يناط ذلك بالفراغ عنها قطعاً. ولا نظنّ فقيهاً يلتزم بذلك ، بل لا بدّ من الاعتناء حينئذ والعدول إليها.
وكيف ما كان ، فلا ينبغي التأمّل في عدم جريان القاعدة في المترتّبتين ، بل لا بدّ من الاعتناء والإتيان بالسابقة من الظهر أو المغرب ، للاستصحاب أو لا
__________________
(١) [لم نعثر على ذلك ، نعم أشار إليه في شرح العروة ١١ : ٢١٠ ، ٤٠٩ ، مصباح الأُصول ٣ : ٣١٦ ٣١٧].
(٢) الوسائل ٤ : ١٢٦ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥ وغيره.