.................................................................................................
______________________________________________________
نعم ، لو كانت العبارة هكذا : إن دخل الشكّ وكان بعد دخوله في الثالثة ... إلخ تمّ ما أُفيد وانعقد المفهوم ، فانّ مفهومه حينئذ أنّ الشك المفروض وجوده لو كان قبل الدخول في الثالثة أي قبل رفع الرأس بطلت صلاته ، لكن العبارة ليست كذلك.
نعم ، للصحيحة مفهوم من حيث الوصف لا الشرط بالمعنى الذي ذكرناه في الأُصول (١) أعني الدلالة على أنّ الطبيعي لم يكن على إطلاقه وسريانه موضوعاً للحكم ، وأنّ القيد مبنيّ على الاحتزاز. فتدلّ على أنّ الشكّ بين الثنتين والثلاث لم يكن على إطلاقه محكوماً بالصحّة ، ويكفي في ذلك بطلانه لو كان في حال القيام ، أو قبل الفراغ عن ذكر السجدة الأخيرة ، لا أنّها تدلّ على أنّه كلّما كان الشكّ قبل رفع الرأس عن الأخيرة فهو محكوم بالبطلان كي تدلّ على المفهوم بالمعنى المصطلح.
وثانياً : مع الغضّ عن ذلك فالصحيحة في نفسها غير خالية عن شائبة من الإجمال ، فإنّ المفروض في السؤال الشكّ بين الثنتين والثلاث فما معنى قوله (عليه السلام) في الجواب : «إن دخل الشكّ بعد دخوله في الثالثة» ، فإنّه إن أُريد به الثالثة المحتملة فهو حاصل بمقتضى فرض الترديد بين الثنتين والثلاث المذكور في السؤال ، وحكمه البطلان إذا كان قبل الإكمال بلا إشكال ، فكيف حكم (عليه السلام) بالصحّة.
وإن أُريد بها الثالثة اليقينية أي الدخول في ركعة أُخرى يقطع معها بتحقّق الثلاث فينقلب الشكّ حينئذ إلى الثلاث والأربع ، ويخرج عمّا افترضه السائل من الشكّ بين الثنتين والثلاث ، نعم كان كذلك قبل ذلك لا بالفعل ، فلا يرتبط بالسؤال.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٣٣.