.................................................................................................
______________________________________________________
ونحو ذلك ، فإنّ إطلاق هذه الأدلّة شامل للعامد والناسي والجاهل ، كإطلاق الحديث ، خرج العامد عن الأخير بالإجماع وغيره ، كما أنّ الناسي خرج عن تلك الأدلّة ، لكونه المتيقّن من مورد الحديث ، فيبقى الجاهل بالحكم مشمولاً لكلا الإطلاقين ، فلا تجب عليه الإعادة بمقتضى الحديث ، وتجب بمقتضى دليل الجزئية لانتفاء المركّب بانتفاء جزئه.
فاذا كانت المعارضة بين الدليلين بالإطلاق سقط الإطلاقان لا محالة ، وحيث لم يثبت الاجتزاء بهذا العمل الناقص فالمرجع حينئذ قاعدة الاشتغال المقتضية لوجوب الإعادة ، بل ربما يرجّح إطلاق تلك الأدلّة من أجل الشهرة القائمة على اختصاص الحديث بالناسي.
وفيه أوّلاً : أنّ حديث لا تعاد لكونه ناظراً إلى أدلّة الأجزاء والشرائط فهو حاكم عليها لا أنّه معارض لها ، ولا شكّ في أنّ إطلاق الدليل الحاكم مقدّم على إطلاق الدليل المحكوم ، فاذا سلّم شمول إطلاق الحديث للجاهل فلا بدّ أن يسلّم تقدّمه على الأدلّة الأوّلية ، ولا تصل النوبة إلى ملاحظة النسبة بينهما أو إعمال قواعد الترجيح كما لا يخفى.
وثانياً : سلّمنا المعارضة وأغضينا النظر عن الحكومة لكن الترجيح بالشهرة ممّا لا مسرح له في المقام ، فإنّ الشهرة المعدودة من المرجّحات في باب التعارض على القول بها إنّما هي الشهرة الروائية بحيث يعدّ ما يقابلها من الشاذّ النادر ، وأمّا الشهرة الفتوائية كما في المقام فليست هي من المرجّحات قطعاً كما أشرنا إليه في الأُصول في بحث التعادل والتراجيح (١).
فغاية ما هناك تعارض الإطلاقين وتساقطهما ، والمرجع حينئذ أصالة البراءة دون الاشتغال ، للشكّ في اعتبار الجزئية في ظرف الجهل ، فانّ المتيقّن اعتبارها
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٤١٢.