والطعام الكثير بعشرين جزوراً ، وبعث إلى سليمان بن صرد مثل ذلك ، وقد كان زفر أمر ابنه أن يسأل عن وجوه أهل العسكر ، فسمّي له عبدالله بن سعد بن نفيل وعبدالله بن وال ، ورفاعة بن شداد ، وسمّي له امراء الأرباع ، فبعث إلى هؤلاء الرؤوس الثلاثة بعشر جزائر ، وعلف كثير وطعام ، وأخرج للعسكر عيراً عظيمة وشعيراً كثيراً ، فقال غلمان زفر : هذه عير فاجتزروا منها ما أحببتم ، وهذا شعير فاحتملوا منه ما أردتم ، وهذا دقيق فتزودوا منه ما أطقتم ، فظلّ القوم يومهم ذلك مخصبين ، لن يحتاجوا إلى شراء شيء من هذه الأسواق التي وضعت ، وقد كفّوا اللحم والدقيق والشعير إلّا أن يشتري الرجل ثوباً أو سوطاً.
ثم ارتحلوا من الغد وبعث إليهم زفر أني خارج إليكم مشيعكم ، فأتاهم وقد خرجوا على تعبئة حسنة فسايرهم ، فقال زفر لسلمان : إنّه قد بعث خمسة امراء ، قد فصلوا من الرقة ، فيهم الحصين بن نمير السكوني وشرحبيل بن ذي الكلاع ، وأدهم بن محرز الباهلي ، وأبو مالك بن أدهم ، وربيعة بن المخارق الغنوي ، وجبلة بن عبدالله الخثعمي ، وقد جاءكم في مثل الشوك والشجر أتاكم عدد كثير وحدّ حديد ، وأيم الله لقلّ ما رأيت رجلاً أحسن هيأة ولا عدّة ولا أخلق لكلّ خير من رجال أراهم معك ، ولكنّه قد بلغني أنّه قد أقبلت إليكم عدّة لا تحصى ، فقال ابن صرد : على الله توكّلنا وعليه يتوكّل المتوكلون.
ثم قال له زفر : فهل لكم في أمر أعرضه عليكم لعل الله أن يجعل لنا ولكم فيه خيراً ، إن شئتم فتحنا لكم مدينتنا فدخلتموها ، فكان أمرنا واحد وأيدينا واحدة ، وإن شئتم نزلتم على باب مدينتنا وأخرجنا معسكرنا إلى جانبكم فإذا جاءنا هذا العدو قاتلناهم جميعا ، فقال سليمان لزفر : قد أرادنا أهل مصرنا على ما أردتنا عليه ، وذركوا مثل الذي ذكرت ، وكتبوا إلينا به بعد ما فصلنا ، فلم يوفقنا ذلك فلسنا فاعلين. فقال زفر : فانظروا ما اُشير به عليكم فاقبلوه وخذوا به فإنّي للقوم عدوّ وأحبّ أن يجعل الله عليهم الدائرة وأنا لكم وادّ ، أحبّ أن يحوطكم الله