المختار فأخرجه ، ثم قال له : قد أجلتك ثلاثاً ، فإن أدركتك بالكوفة بعدها فقد برئت منك الذمة ، فخرج إلى رحله ، وقال ابن زياد : والله لقد اجترأ عَلَيَّ زائدة حين يرحل إلى أمير المؤمنين حتى يأتيني بالكتاب في تخلية رجل قد كان من شأني أن اطيل حبسه على ما به ، فمرّ به عمرو بن نافع أبو عثمان ، كاتب لأبن زياد وهو يطلبه ، وقال له : النجاء بنفسك واذكرها يداً لي عندك.
قال : فخرج زائدة فتوارى يومه ذلك ، ثم إنّه خرج في اناس من قومه حتى أتى القعقاع بن شور الذهلي ، ومسلم بن عمرو الباهلي ، فأخذ له الأمان ، وخرج المختار من الكوفة وتوجه إلى الحجاز.
حدّث ابن العرق وهو مولى لثقيف قال : أقبلت من الحجاز حتى إذا كنت بالبسيطة من وراء واقصة ، استقبلت المختار خارجاً يريد الحجاز فرحّبت به وعطفت عليه ، ولمّا رأيت شتر عينه استرجعت له ، وقلت له : بعد ما توجّعت له ما بال عينك صرف الله عنك السوء؟ فقال : خبط عيني ابن الزانية بالقضيب خبطة صارت الى ما ترى ، فقلت له : ماله شلّت أنامله؟ فقال الختار : قتلني الله إن لم أقطع أنامله وأباجله (١) وأعضاءه إرباً إرباً. قال : فعجبت لمقالته ، فقلت له : ما علمك بذلك رحمك الله؟ فقال لي : ما أقول لك فاحفظه عنّي حتى ترى مصداقه. قال : ثم طفق يسئلني عن عبدالله بن الزبير وأنا أخبره ، فقال : يابن العرق إنّ الفتنة قد أرعدت وأبرقت ، وكأن قد انبعثت فوطئت في خطامها ، فإذا رأيت ذلك وسمعت به ، بمكان قد ظهرت فيه فقيل إنّ المختار في عصائبه من المسلمين يطلب بدم المظلوم الشهيد المقتول بالطف سيّد المسلمين وابن سيّدها الحسين بن علي عليهالسلام فوربّك لأقتلنّ بقتله عدّة القتلى على دم يحيى بن زكريا عليهالسلام. قال :
__________________
(١) أباجل مفردها أبجل ، والأبجل عرق غليظ في الرجل أو في اليد.